يتفق المشتغلون بالتوجيه والإرشاد على أن المرشد الطلابي بحاجة كبيرة للتعرف على النظريات التي يقوم عليها التوجيه والإرشاد وذلك يعود لأهمية تطبيقها أثناء الممارسة المهنية للعمل الإرشادي حيث أن هذه النظريات تمثل خلاصة ما قام به الباحثون في مجال السلوك الإنساني والتي وضعت في شكل إطارات عامه تبين الأسباب المتوقعة للمشكلات التي يعاني منها المسترشد كما ترصد الطرق المختلفة لتعديل ذلك السلوك وما يجب على المرشد القيام به لتحقيق ذلك الغرض .
إن دراسة هذه النظريات تعطي تصورا للدور الذي يجب على المرشد القيام به، فالنظرية التي يمارس المرشد عمله في إطارها تحدد بدرجه كبيرة سلوكه في العملية الإرشادية، مع إمكانية الاستعانة بنظريات أخرى تساعده على القيام بدوره في المقابلة مثلا، أو في تشخيص الحالة أو في البرنامج العلاجي المقترح لهذه الحالة، وكما أن النظريات في التوجيه الإرشادي تعطي صورا عن الشخصية وخصائص النمو الإنساني ومراحله ومشكلاته فان على المرشد الطلابي أن يستفيد منها في ممارسة عمله المهني المتخصص بما لا يتعارض مع عقيدته وقيمه وآداب مجتمعه.
أولا : نظرية الذات :
وتعتمد هذه النظرية على أسلوب الإرشاد غير المباشر وقد أطلق عليها الإرشاد المتمركز حول المسترشد "العميل" وصاحب هذه النظرية هو كارل روجرز وتعتمد هذه النظرية على أسلوب الإرشاد غير المباشر وقد أطلق عليها الإرشاد المتمركز حول المسترشد ( العميل ) وصاحب هذه النظرية هو كارل روجرز .
وترى هذه النظرية أن الذات تتكون وتتكون وتتحقق من خلال النمو الإيجابي وتتمثل في بعض العناصر مثل صفات الفرد وقدراته والمفاهيم التي يكونها بداخله نحو ذاته والآخرين والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها وكذلك عن خبراته وعن الناس المحيطين به ، وهي تمثل صورة الفرد وجوهره حيويته ولذا فان فهم الإنسان لذاته له أثر كبير في سلوكه من حيث السواء أو الانحراف، وتعاون المسترشد مع المرشد أمر أساسي في نجاح عملية الإرشاد فلابد من فهم ذات المسترشد ( العميل ) كما يتصورها بنفسه ولذلك فانه من المهم دراسة خبرات الفرد وتجاربه وتصوراته عن نفسه والآخرين من حوله .
ويمكن تحديد جوانب اهتمامات هذه النظرية من خلال التالي :
1- إن الفرد يعيش في عالم متغير من خلال خبراته، ويدركه ويعتبره مركزه ومحوره .
2- يتوقف تفاعل الفرد مع العالم الخارجي وفق لخبرته وإدراكه لها لما يمثل الواقع لديه .
3- يكون تفاعل الفرد واستجابته مع ما يحيط به بشكل كلي ومنظم .
4- معظم الأساليب السلوكية التي يختارها الفرد تكون متوافقة مع مفهوم الذات لديه .
5- التكيف النفسي يتم عندما يتمكن الفرد من استيعاب جميع خبراته الحية والعقلية وإعطائها معنى يتلاءم ويتناسق مع مفهوم الذات لدية .
6- سوء التوافق والتوتر النفسي ينتج عندما يفشل الفرد في استيعاب وتنظيم الخبرات الحسية العقلية التي يمر بها .
7- الخبرات التي لا تتوافق مع مكونات ذات الفرد تعتبر مهدده لكيانها، فالذات عندما تواجهها مثل هذه الخبرات تزداد تماسكا وتنظيما للمحافظة على كيانها .
8- الخبرات المتوافقة مع الذات يتفحصها الفرد ثم يستوعبها، وتعمل الذات على احتوائها ، وبالتالي تزيد من قدرة الفرد على تفهم الآخرين وتقبلهم كأفراد مستقلين .
9- ازدياد الاستيعاب الواعي لخبرات الفرد يساعده على تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تم استيعابها بشكل خاطئ لتؤدي إلي تكوين منهج أو سلوك خاطئ لدى الفرد .
تطبيقات النظرية :
يمكن للمرشد الطلابي أتباع الإجراءات التالية :
1- اعتبار المسترشد كفرد وليس مشكلة ليحاول المرشد الطلابي فهم اتجاهاته وأثره على مشكلته من خلال ترك المسترشد يعبر عن مشكلته بحرية حتى يتحرر من التوتر الانفعالي الداخلي .
2- المراحل التي يسلكها المشكل في ضوء هذه النظرية تتمثل في الأتي :
أ- مرحلة الاستطلاع والاستكشاف : يمكن التعرف على الصعوبات التي تعبق المسترشد وتسبب له القلق والضيق والتعرف على جوانب القوة لديه لتقويمها والجوانب السلبية من خلال الجلسات الإرشادية ومقابلة ولي أمره أو أخوته ومدرسية وأصدقائه وأقاربه وتهدف هذه المرحلة إلى مساعدة المسترشد على فهم شخصيته واستغلال الجوانب الإيجابية منها في تحقيق أهدافه كما يريد .
ب- مرحلة التوضيح وتحقيق القيم : وفي هذه المرحلة يزيد وعي المسترشد ويزيد فهمه وإدراكه للقيم الحقيقية التي لها مكانه لديه من خلال الأسئلة التي يوجهها المرشد والتي يمكن معها إزالة التوتر الموجود لدى المسترشد .
ج- المكافأة وتعزيز الاستجابات : تعتمد على توضيح المرشد لمدى التقدم لدى المسترشد في الاتجاه الإيجابي وتأكيده للمسترشد بأن ذلك يمثل خطوة أولية في التغلب على الاضطرابات الانفعالية .
ثانيا : نظرية الإرشاد العقلاني والانفعالي
صاحب هذه النظرية هو إلبرت أليس وهو عالم نفسي إكلينيكي اهتم بالتوجيه والإرشاد المدرسي والإرشاد الزواجي والأسري ، وترى هذه النظرية بأن الناس ينقسمون إلى قسمين ، واقعيون، وغير واقعيين، وأن أفكارهم تؤثر على سلوكهم فهم بالتالي عرضة للمشاعر السلبية مثل القلق والعدوان والشعور بالذم بسبب تفكيرهم اللاواقعي وحالتهم الانفعالية، والتي يمكن التغلب عليها بتنمية قدرة الفرد العقلية وزيادة درجة إدراكه .
تطبيقات النظرية :
يمكن للمرشد الطلابي من خلال هذه النظرية القيام بالإجراءات التالية :
1_ أهمية التعرف على أسباب المشكلة، أي معرفة الأسباب غير المنطقية التي يعتقد بها المسترشد والتي تؤثر على إدراكه وتجعله مضطربا .
2_ إعادة تنظيم إدراك وتفكير المسترشد عن طريق التخلص من أسباب المشكلة ليصل إلى مرحلة الاستبصار للعلاقة بين النواحي الانفعالية والأفكار والمعتقدات والحدث الذي وقع فيه المسترشد .
3_ من الأساليب المختلفة التي تمكن المرشد الطلابي من مساعدة المسترشد للتغلب على التفكير اللامنطقي هي:
أ- إقناع المسترشد على جعل هذه الأفكار في مستوى وعيه وانتباهه ومساعدته على فهم ( غير اللامنطقية) منها لديه.
ب- توضيح المرشد للمسترشد بان هذه الأفكار سبب مشاكله واضطرابه الانفعالي.
ج- توضيح الأفكار المنطقية ومساعدته على المقارنة بين الأفكار المنطقية.
د- تدريب المسترشد على إعادة تنظيم أفكاره وداكه وتغير الأفكار اللامنطقية الموجودة لديه ليصبح أكثر فعالية اعتمادا على نفسه فى الحاضر والمستقبل.
4_ أتباع المرشد الطلابي لأسلوب المنطق والأساليب المساعدة لتحقيق عملية الاستبصار لكسب ثقة المسترشد
5_ استخدام أساليب الارتباط الإجرائي والمناقشات الفلسفية والنقد الموضوعي وأداء الواجبات المنزلية وهي من أهم جوانب العملية الإرشادية.
6_ العمل على مهاجمة الأفكار اللامنطقية لدى المسترشد بإتباع الأساليب التالية:
أ- رفض الكذب وأساليب الدعاية الهدامة والانحرافات التي يؤمن بها الفرد غير العقلاني.
ب- تشجيع المرشد للمسترشد فى بعض المواقف وإقناعه على القيام بسلوك يعتقد المسترشد انه خاطئ ولم يتم فيجبره على القيام بهذا السلوك.
6/3 مهاجمة الأفكار والحيل الدفاعية التي توصل المرشد إلى معرفتها من خلال الجلسات الإرشادية مع المسترشد وإبدالها بأفكار أخرى.
ثالثا : النظرية السلوكية:
يرى أصحاب هذه النظرية بان السلوك الإنساني عبارة عن مجموعة من العادات التي يتعلمها الفرد ويكتسبها أثناء مراحل نموه المختلفة، ويتحكم في تكوينها قوانين الدماغ وهي قوى الكف وقوى الاستثارة اللتان تسّيران مجموعة الاستجابات الشرطية، ويرجعون ذلك إلى العوامل البيئة التي يتعرض لها الفرد .
وتدور هذه النظرية حول محور عملية التعلم في اكتساب التعلم الجديد أو في إطفائه أو إعادته، ولذا فان أكثر السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم ،وان سلوك الفرد قابل للتعديل أو التغيير بإيجاد ظروف وأجواء تعليمية معينة.
تطبيقات النظرية:
يقوم المرشد الطلابي بتحمل مسؤولياته في العملية الإرشادية وذلك لكونه أكثر تفهما للمسترشد من خلال قيامه بالإجراءات التالية:
1_ وضع أهداف مرغوب فيها لدى المسترشد وأن يستمر المرشد الطلابي بالعمل معه حتى يصل إلى أهدافه.
2_ معرفة المرشد الطلابي للحدود والأهداف التي يصبو إليها المسترشد من خلال ا لمقابلات الأولية التي يعملها مع المسترشد.
3_ إدراكه بان السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم وقابل للتغير.
4_ معرفة أسس التعلم الاجتماعي تأثيرها على المسترشد من خلال التغيرات التي تطرأ على سلوك المسترشد خارج نطاق الجلسات الإرشادية.
5_ صياغة أساليب إرشادية إجرائية عديدة لمساعدة المسترشد على حل مشكلاته.
6_ توقيت التعزيز المناسب من قبل المرشد ليكون عملا مساعدا في تحديد السلوك المطلوب من المسترشد،وقدرته على استنتاج هذا السلوك المراد تعزيزه.
المبادئ التي ترتكز عليها هذه النظرية في تعديل السلوك:
في النظرية السلوكية بعض المبادئ والإجراءات التي تعتمد عليها وتحتاج المرشد الطلابي لتطبيقها كلها أو اختيار بعضها في التعامل مع المسترشد من خلال العلاقة الإرشادية على النحو التالي:
1_ الاشتراط الإجرائي:
ويطلق عليه مبادئ التعلم حيث إنها تؤكد على الاستجابات التي تؤثر على الفرد،فان التعلم يحدث إذا أعقب السلوك حدث في البيئة يؤدي إلى إشباع حاجة الفرد واحتمال تكرار السلوك المشبع في المستقبل وهكذا تحدث الاستجابة ويحدث التعلم أي النتيجة التي تؤدي إلى تعلم السلوك وليس المثير، ويرتبط التعلم الإجرائي في أسلوب التعزيز الذي يصاحب التعلم وصاحب هذا الإجراء هو (سكنر) والذي يرى أن التغيرات تحدث نتيجة لتبادلات في سلسلة من المقدمات و الاستجابات والنتائج مما تؤدي إلى التحكم في الإجراء إذا كان وجود النتيجة يتوقف على الاستجابة.
ولهذا الإجراء استخدامات كثيرة في مجال التوجيه والإرشاد والعلاج السلوكي وتعديل سلوك الأطفال والراشدين في المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والعيادات ولها استخداماتها في التعليم والتدريب والإدارة والعلاقات العامة.
2_ التعزيز أو التدعيم :
ويعتبر هذا المبدأ من أساسيات عملية التعلم الإجرائي والإرشاد السلوكي ويعد من أهم مبادئ تعديل السلوك لأنه يعمل على تقوية النتائج المرغوبة لذا يطلق عليه اسم مبدأ (الثواب أو التعزيز) فإذا كان حدث ما (نتيجة ) يعقب إتمام استجابة (سلوك) يزداد احتمال حدوث الاستجابة مرة أخرى يسمى هذا الحدث اللاحق معزز أو مدعم.
والتعزيز نوعان هما:
أ- التعزيز الإيجابي:
وهو حدث سار كحدث لاحق (نتيجة) لاستجابة ما (سلوك) إذا كان هذا الحدث يؤدي إلى زيادة استمرار قيام السلوك، مثال:
طالب يجيب على سؤال أحد المعلمين فيشكره ويثني عليه، فيعاود الطالب الرغبة في الإجابة على أسئلة المعلم.
ب- التعزيز السلبي :
ويتعلق بالمواقف السلبية والبغيضة والمؤلمة فإذا كان استبعاد هذا الحدث منفرد يتلو حدوث سلوك بما يؤدي إلى زيادة حدوث هذا السلوك فان استبعاد هذا الحدث يطلق عليه تدعيم أو تعزيز سلبي. مثال:
فرد لديه حلة أرق بدأ يقرأ في صحيفة فاستسلم للنوم نجد أنه فيما بعد يقرأ الصحيفة عندما يرغب النوم.
3_ التعليم بالتقليد والملاحظة والمحاكاة:
وتتركز أهمية هذا المبدأ حيث أن الفرد يتعلم السلوك من خلال الملاحظة والتقليد، فالطفل يبدأ بتقليد الكبار ،والكبار يقلد بعضهم بعضا وعادة يكسب الأفراد سلوكهم من خلال مشاهدة نماذج في البيئة وقيامهم بتقليده،ويتطلب في العملية الإرشادية تغيير السلوك وتعديله إعداد نماذج السلوك السوي على أشرطة تسجيل (كاسيت) أو أشرطة فيديو أو أفلام أو قصص سير هادفة لحياة أشخاص مؤثرين ذوى أهمية كبيرة على الناشئة مثل قصص الصحابة رضوان الله عليهم لكونهم يمثلون قدوة حسنة يمكن الاحتذاء بهم، وكذا قصص العلماء والحكماء من أهل الرأي والفطنة والدراية، وكذلك نماذج من حياتنا المعاصرة فمحاكاة السلوك المرغوب من خلال الملاحظة يعتمد على الانتباه والحفظ واستعادة الحركات والهدف أو الحافز، إذا يجب أن يكون سلوك النموذج أو المثال هدفا يرغب فيه المسترشد رغبة شديدة، فجهد مثل هذا يمثل أهمة كبيرة للمسترشد وذا تأثر قوي عليه، ويمكن استخدام النموذج الاجتماعي في الحالات الفردية والإرشاد والعلاج الجماعي.
4_ العقاب:
ويمثل في الحدث الذي يعقب حدوث الاستجابة والذي يؤدي إلى إضعاف الاستجابة التي تعقب ظهور العقوبة، أو التوقف عن هذه الاستجابة وينقسم العقاب إلى قسمين هما:
أ- العقاب الإيجابي:
ويتمثل في ظهور حدث منفر (مؤلم) للفرد بعد استجابة ما يؤدي إلى إضعاف هذه الاستجابة أو توقيفها ومن أمثلة ذلك العقاب (العقاب البدني ) والتوبيخ بعد قيام الفرد بسلوك غير مرغوب إذا كان ذلك يؤدي إلى نقص السلوك أو توقفه، ونؤكد بان أسلوب استخدام العقاب البدني محظور على المرشد الطلابي وكذا المعلمين.
ب- العقاب السلبي:
وهو استبعاد حدث سار للفرد يعقب أي استجابة مما يؤدي إلى أضعافها أو اختفائها مثال:
حرمان الأبناء من مشاهدة بعض برامج التلفاز وتوجيههم لمذاكرة دروسهم وحل وجباتهم فان هذا الإجراء يعمل على تقليل السلوك غير المرغوب وهو عدم الاستذكار ولكنه يحرمهم من البرامج المحببة لديهم، يسمى عقابا سلبيا،ويفضل المرشدون والمعالجون النفسيون أسلوب العقاب السلبي في معالجة الكثير من الحالات التي يتعاملون بها .
5_ التشكيل :
وهي عملية تعلم سلوك مركب وتتطلب تعزيز بعض أنواع السلوك وعدم تعزيز أنواع أخرى ويتم من خلال استخدام القوانين التالية :
أ- الانطفاء أو الإطفاء أو الإغفال أو المحو :
وهو انخفاض السلوك في حال التعزيز سواء أكان بشكل مستمر أم منقطع فيحدث المحو أو الانطفاء أو الإغفال أو الإطفاء.. وتفيد في تغيير السلوك وتعديله وتطويره ويتم من خلال إهمال السلوك وتجاهله وعدم الانتباه إليه أو عن طريق وضع صعوبات أومعوقات أمام الفرد مما يعوق اكتساب السلوك ويعمل علي تلاشيه مثال ذلك :
الطالب الذي تصدر منه أحيانا كلمات غير مناسبة كالتنابز بالألقاب مثلا فان من وسائل التعامل مع هذا السلوك هو إغفال وتجاهل تماما مما قد يؤدي إلى الكف عن ممارسة هذا السلوك.
ب- التعميم :
ويحدث التعميم نتيجة لأثر تدعيم السلوك مما يؤدي إلى تعميم المثير على مواقف أخرى مثيراتها شبيهة بالمثير الأول أو تعميم الاستجابة في مواقف أخرى مشابه، ومن أمثلة التعميم:
( مثال على تعميم المثير ):
الطفل الذي يتحدث عن أمور معينة في وجود أفراد أسرته (مثير) قد يتحدث عن هذه الأمور بنفس الطريقة مع ضيوف الأسرة (مثير) فسلوك الطفل تم تعميمه إلى مواقف أخرى ،ولذا نجد مثل هذه الحالات في الفصل الدراسي ويمكن تعميم السلوكيات المرغوب فيها لبقية زملاء الدراسة.
(مثال على التعميم الاستجابة):
تتغيير استجابة شخص إذا تأثر باستجابات أخرى لديه فلو امتدحنا هذا الشخص لتبسمه (استجابة) فان قد يزيد معدل الضحك والكلام أيضا لذا فان في تدعيم الاستجابة يحدث وجود استجابات أخرى (الابتسامة والضحك) عند امتداحه في موقف أخرى.
ج- التمييز :
ويتم عن طريق تعزيز الاستجابة الصحيحة لمثير معين أي تعزيز الموقف المراد تعليمه أو تعديله ومثال ذلك: عندما يتمكن الفرد من إبعاد يديه عن أي شئ ساخن كالنار مثلا.
6_ التخلص من الحساسية أو (التحصين التدريجي ) :
ويتم ذلك في الحالات التي يكون فيها الخوف والاشمئزاز والذي ارتبط بحادثة معينة فيستخدم طريقة التعويد التدريجي المنظم ويتم التعرف على المثيرات التي تستثير استجابات شاذة ثم يعرض المسترشد تكرارا وبالتدريج لهذه المثيرات المحدثة للخوف أو الاشمئزاز في ظروف يحس فيها بأقل درجة من الخوف أو الاشمئزاز وهو في حالة استرخاء بحيث لا تنتج الاستجابة الشاذة ثم يستمر التعرض على مستوى متدرج في الشدة حتى يتم الوصول إلى المستويات العالية من شدة المثير بحيث لا تستثير الاستجابة الشاذة السابقة وتستخدم هذه الطريقة لمعالجة حالات الخوف والمخاوف المرضية.
7_ الكف المتبادل :
ويقوم أساسا على وجود أنماط من الاستجابات المتنافرة وغير المتوافقة مع بعضها البعض مثل الاسترخاء والضيق مثلا، ويمكن استخدامه في معالجة التبول الليلي حيث أن التبول يحدث لعدم الاستيقاظ والذهاب إلى دورة المياه، ولذا فأن الطفل يتبول وهو نائم على فراشه والمطلوب كف النوم فيحدث الاستيقاظ والتبول بشكل عادة الاستيقاظ لذا فأن كف النوم يؤدي إلى كف التبول بالتبادل، لذلك لابد من تهيئة الظروف المناسبة لتعليم هذا النمط السلوكي.
8- الاشتراط التجنبي :
يستخدم المرشد أو المعالج النفسي لتعديل السلوك غير المرغوب فيه وقد استخدم في معالجة الذكور الذين ينزعون الجنس الآخر والتشبه بهم أو في علاج الكحولية أو التدخين، ويتم استخدام مثيرات منفرة كالعقاقير المقيئة والصدمات الكهربائية وأشرطة كاسيت تسجل عليها بعض العبارات المنفرة والتي تتناسب مع السلوك الذي يراد تعديله.
9_ التعاقد السلوكي (الاتفاقية السلوكية) :
ويقوم هذا الأسلوب على فكرة أن من الأفضل للمسترشد أن يحدد بنفسه التغيير السلوكي المرغوب ،ويتم من خلال عقد يتم بين طرفين هما المرشد والمسترشد يحصل بمقتضاه كل واحد منهما على شئ من الآخر مقابل ما يعطيه له، ويعتبر العقد امتداد لمبادئ التعليم من خلال إجراء يتعزز بموجبه سلوك كعين مقدما حيث يحدث تعزيز في شكل مادي ملموس أو مكافأة اجتماعية فعلى سبيل المثال نجد أن المسترشد الذي يعاني من أتترهل والسمنة ويريد إنقاص وزنه يتم العقد بينه وبين المرشد على أن يودع الطرف الأول مبلغ من المال لنفرض خمسمائة ريال على أن تعاد إليه كل خمسين ريالا إذا نقص وزنه كيلوجراما أو أنه يفقدها في حالة زيادة وزنه كيلو جراما واحدا.
نظرية سيجموند فرويد
Freud
من هذا نرى أن تكوين الشخصية ما هو إلا مفهوم التكامل بين منظماتها المختلفة فلقد نرى تكوين الشخصية لدى فرويد Freud على سبيل المثال ، فالشخصية لديه تتكون من قوى ثلاث منفصلة وغير منفصلة تعمل فى وحدة تكاملية لأن كل منها لها خصائصها ووظائفها ومكوناتها ومبادئها وميكانزماتها ودينامياتها وغير منفصلة الآن كلها يتفاعل بعضه مع البعض الآخر ، ولا يمكن فصل تأثير أحدها عن الآخر ، لذلك فإن سلوك الإنسان إنما هو نتاج عمل هذه القوى الثلاث وهذه القوى هي السهو Id والأنا ego والأنا الأعلى superego .
الهو id
هو مستقر الطاقة النفسية والبيولوجية ويتكون من كل ما هو موروث أي ما هو فطرى بما فى ذلك الغرائزinstincts ، ويسميه فرويد " بالواقع النفسي الحقيقي " لأنه محصلة تجربة مقصورة على الخبرة الذاتية للعالم الداخلي ويجهل كل شئ عن العالم الواقعي ، هو جانب لا شعوري عميق لا يعرف عن الأخلاق شيئا ولا عن القيم ،
والهو يتخلص من التوترات غير المريحة أي المؤلمة آتى تصيب الفرد بطريقة مباشرة أي يخفض التوتر أيا كان صوره وهذا المبدأ هو مبدأ اللذة Hedonism والهو من الجانب البيولوجي للشخصية ، ولكي يتغلب الهو على الألم ويحقق اللذة فإن هذا يتطلب " عملية أولية " التي تزود الفرد بصورة ذهنية لموضوع يزيل التوتر .
كما يحدث فى الحلم الذي يكون غالبا محاولة لتحقيق رغبة ، على أن العمليات الأولية غير قادرة على خفض التوتر وأن كانت هي الواقعة الذي يعرفه الهو ، ولما كان الفرد لا يستطيع أن يحقق رغباته تحقيقا حقيقيا فى الحلم فأن هذه العمليات الأولية تلزم أن يكون إلى جانبها عمليات نفسية ثانية وهنا تبدأ الأنا فى الظهور .
الأنـاego
الأنا تتكون بالفعل من التنشئة الاجتماعية ، ذلك أن حاجات الكائن الإنساني تتطلب طريقة مناسبة للتعامل مع العالم الخارجي ، أي تتطلب تعلما لكيفية إشباع الفرد لحاجاته الفطرية دون معارضة من العالم الخارجي ( العالم الواقعي ) أوكف لها أو إحباط.
والأنا مركز للشعور والإدراك والتفكير وتبصر للعواقب ، لهذا فهو يقوم بالحد من اندفا عات السهو وتعديل سلوكه ، لذلك فإنه يخضع لمبدأ الواقع ويعمل طبقا للعمليات الثانوية أي للتفكير الواقعي فيشبع هذا الدافع ويرجئ ذلك دون إسراف فى الإشباع أوفى الإرجاء ، ويتميز بهذه الصفات أنا الراشد السوي،
بينما يكون أنا الطفل فجا ، يخضع لمبدأ اللذة .
والأنا يستعيد قوته من السهو وهدفه المحافظة على حياة الفرد والعمل على تكاثر النوع الإنساني ، أنه الشخصية الشعورية وأنه الجانب السيكولوجي للشخصية .
الأنا الأعلى Super - ego
ويمكن النظر إليه على أنه سلطة تشريعية تنفيذية أو هو الضمير
Conscience وهذه السلطة أو هذا الضمير هو ممثل للقيم كما تعلمه الطفل أثناء عملية التنشئة الاجتماعية عن طريق الثواب والعقاب ، والأنا الأعلى يبدأ من سن مبكرة ، لذلك فهو جانب لا شعوري . هو مثالي ينزع إلى الكمال فالطفل لكي يحصل على الثواب ويتجنب العقاب فأنه يتعلم أن يسلك السلوك الذي يرتضيه والداه وينبذ ما ينبذه والداه ، فكل ما يعاقبانه عليه يستطبه ضميره، وكل ما يرتضيانه يتوحد بأناه المثالية فالأولى تمثل شق الأنا الأعلى والآخر يشكل الشق الثاني له .
ويتم ذلك عن طريق الميكانزم أو الحيلة ، فالضمير يعاقب الفرد والأنا المثالي يجعل الفرد يشعر بالفخر بنفسه ، بذلك تتم عملية الضبط الذاتي ولا حاجة لعقاب أو ثواب الوالدين ، أي يتم تنشئة الأنا الأعلى .
من ذلك نرى أن فى الشخصية ثلاث قوى متعاونة تعمل كفريق واحد متعاون قوة بيولوجية وقوة سيكولوجية وقوة اجتماعية والشخصية تكون قواها متعاونة فى حالة السواء ، متصارعة فى حالة المرض أو سوء التوافق ، وبهذا يسوء توافق الفرد ، ويصبح نهبا للصراعات والقلق والتوتر ، ولا يصبح متمتعا بالصحة النفسية .
ميكانزمات الدفاع .
عندما يحدث صراع بين الدوافع الذي يلح فى طلب الإشباع وبين القوى التي تعوق هذا الإشباع فيتصنع الأنا الأعلى ما يعرف بأساليب التوافق للوصول إلى حل ودي للصراع وبذلك فإن الأساليب التي يلجأ إليها تتسم بالمرونة والخداع والالتواء 00 وبذلك يحقق الأنا توفيق الشخصية ونجاحها اجتماعيا . ومن هذه الأساليب :
1 – القمع .
عندما يقوم الأنا بتأجيل إشباع الدوافع أو التعبير عنه إلى أن تتهيأ الظروف المناسبة لهذا الإشباع أو التعبير . لإذن فالقمع عملية استبعاد مؤقت والانا يقم بوعي تام بهذه العملية ويسيطر عليها 000 لذا فان عملية القمع شعورية .
2 – الكبت Repression .
وهو عملية يقوم فيها الأنا باستبعاد الدوافع والذكريات والأفكار من منطقة الشعور إلى اللاشعور ومن هنا لم يعد يشعر بها الأنا وهذه الدوافع لا تموت بانتقالها إلى اللاشعور بل تظل حبيسة بطريق غير مباشر عن طريق هفوة أو حلم أو مرض نفسي إشباعا محرفا مقنعا .
3 – النقل Displsment.
ويقوم الأنا فى هذه العملية بنقل دوافع أو رغبة مرتبطة بموضوع معين إلى موضوع آخر 000 ويقوم الأنا بهذا النقل لا شعوريا أو شعوريا – مثل الزوج الذي يصب غضبه على زوجته عندا يهان من رئيسة وذلك لتصريف دافع العدوان الذي استثير لديه .
4 – التسامي Sublimation.
وهو إحدى العمليات التي يلجأ إليها الأنا فى حله للصراع فينقل طاقة دافع من موضوع أصلى تريد أن تنطلق إليه إلى موضع آخر بديل مقبول اجتماعيا وتتم هذه العملية على مستوى لا شعوري ،مثل تحويل طاقة الدافع الجنسي لدى المراهقين إلى الرياضة والفن والخدمات الاجتماعية . ويحدث التسامي أيضا فى السلوك العدوان فبدلا من العدوان والتدمير فيتسامى بها الأنا الأعلى فيصرفها فى الرياضات العنيفة المحبذة اجتماعيا ( الملاكمة – المصارعة )
5 – الإسقاطProjection .
فإذا حدث صراع داخل الشخص حول دافع معين فيقوم الأنا بأن يتخلص من هذا الدافع برميه على شخص خارجي أو أي شئ خارجي . وترى الشخص أن هذا الشخص أو الشيء الخارجي دوافعها هي واتجاهاتها هي وخصائصها الذاتية هي .
وهكذا نميل إلى أن نسقط دوافعنا وميولنا وأحاسيسنا التي لا نحب الاعتراف بها على غيرنا من الأشخاص بحيث نراها ملتصقة بهم بعيدة عنا ( كما يعتقد المجنون أنه عاقل وما سواه مجانين ) .والإسقاط يحدث على مستوى لا شعوري وهو لا يشمل الدوافع والرغبات والخصائص المرفوضة اجتماعيا فقط بل والمقبولة اجتماعيا 00 فيدرك الشخص السعيد أن كل الناس سعداء وهكذا.
6 – التوحد Identification.
قبل أن نفهم التوحد لابد أن نفهم عملية المحاكاة والتقليد 00 فالتقليد يقوم به الشخص فى تقليد حركات شخص آخر وتفكيره وهذه العملية مؤقتة ( مثل الممثل وتقليده لدور شخصية تاريخية مثلا ) إذن يصنع الفرد نفسه شعوريا فى موقف الشخصية التي يقلدها بشكل مؤقت.
أما التوحد فهو عملية تلجأ إليها الشخصية بشكل شعوري فتتمثل بهذه العملية وتندمج اتجاهات ودوافع شخص آخر بحيث تصبح اتجاهات ودوافع أصيلة لها 00 ولهذا فإن التغير الذي يحدث فى الشخصية نتيجة عملية التوحد لا يكون مقصودا أو مؤقتا ومفتعلا مثل المحاكاة .
فالابن يتوحد بأبيه ولا يقلده وكذلك البنت والشخص يتوحد بالشخصيات التي يرى فيها مثله العليا 00 ويشبع دوافعنا ويحقق ميولنا كنوع من إشباع هذه الدوافع التي قد تكون محيطة فى الواقع 000 فلا عجب أن نجد بين المشاهدين يسعد عندما ينجح البطل وينفجر باكيا عندما يلاقى البطل مآسي لأن النجاح الذي يحدث لمن نتوحد بهم نجاحا لنا والعكس يكون إحباطا لنا.
7 – التحول Teranferance.
يلجا فيها الفرد إلى حل صراعه النفسي عن طريق تحويله إلى حل يبدو فى عرض جسمي وتتم لا شعوريا – ونجدها فى الهستيريا التحولية كالشلل الهستيري للذراع . والعلاج فى هذا لا يفيد إلا العلاج النفسي .
8 – التكوين العكسي Reaction Formation .
وهو تكوين سمة شخصية مضادة لدافع غير مرغوب فيه يوجد دفينا فى الشخص بحيث يطرأ تغير جوهري على هذا الدافع تقلبه إلى الضد تماما فى شعور الشخص وفى هذه الحالة يكون ما فى شعور الشخص مضاد لماه وموجود بلا شعوره ( مثال عدم الاشتهاء الجنسي للمحارم عند الكبار كتكوين عكسي لاشتهائهم فى الطفولة الأولى والشفقة المفرطة كتكوين عكسي للرغبة الجامحة فى القسوة والاعتداء .
ونود أن نقول أن الرغبات والميول التي يعالجها الأنا باستخدام هذه العملية هي المنبوذة اجتماعيا وتتم لا شعوريا.
9 – التبرير .
يلجأ إليها الأنا ليبرر سلوك الشخصية أو ميولها أو دوافعها التي لا تلقى قبولا من المجتمع أو الأنا الأعلى بحيث يقدم الأنا مبررات وجيهة تقنع الشخص على المستوى الشعوري بها ويحاول إقناع الغير أيضا حتى لا يلام على ذلك( مثل التلميذ الذي يبرر رسوبه بتحدي المدرس له ) .
وهذه العملية لتبريره تحفظ للشخص ثقته وتقديره لكفاءته ولنزاهة دوافعه وسلوكه وترفع قيمته لدى الآخرين ، وهذه العملية تتم لا شعوريا 000وتكون الشخصية صادقة فى إقناعها بما تقدمه من أسباب تبريريه لسلوكها ودوافعها وهذا بخلاف التمويه الذي يلجأ إليه الشخص شعوريا .
10 – النكوص Regression.
هو عودة الشخصية إلى أنماط من السلوك والإشباع النفسي لدوافعها لا تتفق مع مرحلة النمو التي وصلت إليها فتصبح كالشخص الراشد الذي ينطق الكلام بطريقة طفلي مثلا . وهذا السلوك يعتبر غريبا .
فالنكوص يلعب دورا أساسيا فى الأمراض والانحرافات الجسمية حيث نجد أن الشخصية التي بلغت سن الرشد وقد تراجعت إلى دوافع وأساليب إشباع غير ناضجة لن تتفق والنضج الجسمي الذي وصلت إليه . وتلجأ الشخصية فى ذلك إلى تحريف دوافعها وأساليبها الطفلية حتى تموهها على الآخرين وعلى الذات.
11 – الاستدماج Interjection .
هي أن يقوم الفرد بإستدماج الموضوعات التي يهتم بها داخل ذاته بحيث تصبح جزءا منه أي من ذاته وبذلك ينفصل الفرد عن العالم الخارجي المحيط بحالة شبه بالاكتفاء الذاتي.
12– الأحلام Dreams.
هي عملية يلجأ إليها الفرد لإشباع دوافعه التي تلح على طلب الإشباع إذا كان هذا الإشباع مستحيلا فى الواقع ويصدق هذا على أحلام اليقظة وأحلام النوم 000ففى أحلام اليقظة يحقق أهدافه عن طريق تخييلات 00
أما فى أحلام النوم فالأمر يختلف لأن الرغبات فيها مموهة مخفاة بحيث لا يعي الحلم نفسه هي عمليات وحيل من طبيعة خاصة تميز اللاشعور عن الشعور فيما يستخدم من منطق وحيل والتحليل النفسي هو آذى ينجح فى كشف الدوافع التي تشبعها الأحلام.
13 – التعويض .
تقوم بها الشخصية بشكل شعوري و أحيانا لا شعوري و أحيانا بالجمع بين ما هو شعوري ولا شعوري حيث تحس نقصا فى جانب بتقوية جانب آخر للتغلب على هذا النقص والتعويض عنه . وغالبا ما تمعن الشخصية فى استخدام حيلة التعويض هذه وتشتد فيتحول الأمر إلى ما يعرف بالتعويض الزائد ( مثل الأعمى الذي يعوض هذا النقص فى مجالات أخرى بحواس أخرى )
مراحل النمو للإنسان
استطاع أر يكسون أن يحدد ثمانية مراحل هامة فى تطور الشخصية وتتميز كل مرحلة بنوع خاص من الصراع الذي ينتهي إلى إعطاء الشخص شعورا متميزا بذاته وإحساسا مقابلا بالآخرين . ويمكن من تتبع التطور عبر هذه المراحل الثمانية أن ندرك طبيعة الشخصية السوية ، وأن نجد كذلك معالم الأمراض التي تصيب الشخصية فى تطورها ويبين الجدول التالي تلك المراحل :.
اسم المرحلة
|
الفمية
|
الشرجية
|
القضيبية
|
الكمون
|
المراهقة
|
بداية الشباب
|
الشباب
|
الشيخوخة
|
الإحساس السوي
|
الثقة
|
التلقائية
|
المبادأة
|
الإنتاجية
|
الآنية
|
الألفة
|
الخصوبة
|
التماسك
|
الإحساس اللاسوى
|
عدم الثقة
|
الشك والخجل
|
الذنب
|
الدونية
|
فقدان الدور
|
العزلة
|
العقم
|
الاشمئزاز اليأس
|
1 – المرحلة الأولى :
إن المشاكل التي يتعرض لها الطفل فى سنته الأولى أي المرحلة الفمية تتلخص فى موقف الثقة فى أمه أو عدم الثقة فيها . فالإشباع المتصل المستمر يجعل الرضاعة عملية مزدوجة فبالإضافة إلى أنها تشبع جوعه فأنها تمنحه قدرا كبيرا من الشعور بالحب ، وبذلك يكون الحب علاقة قوية مع الأم تجعل الطفل يستطيع أن يتحمل الفطام والحرمان من الطعام دون أن يعتبر ذلك تخليا من الأم عنه.
ويتضح شعور الحب هذا فى إحساس الطفل بثقته فى أمه وبالتالي يأتيه شعور أساسي بالثقة فى نفسه ، ويعنى بالشعور الأساسي بالثقة فى الذات اطمئنان إلى أنه كائن محب وليس خطيرا مدمرا ، إما إذ كان الإطعام غير منتظم وغير مشبع بعلاقة الحب فإن الطفل سيشعر بعدم ثقته فى أمه واحتمال تخليها عنه .
وبذلك يعنى الفطام أو الحرمان انسحاب ثقته بأمه وينعكس هذا على نفسه فى شعور بأنه غير جدير بالثقة وبأنه أن لا يؤمن جانبه ، ويعبر عن نتائج هذه المرحلة بأنها مرحلة الشعور الأساسي بالثقة Basic Trues فإذا تمت بنجاح كان شعور الثقة وكان الشعور بالآخر بأنه جدير بالثقة وكان تصور رأى الآخرين بأنه هو الآخر جدير بالاطمئنان عليه
2 – المرحلة الثانية :
فى المرحلة الشرجية يتعرض الطفل إلى مشاعر من نوع آخر فإذا انتهت المرحلة السابقة على الوجه السليم ، فإن مشاعره تجاه تبرزه وتبوله تشكل له موقفا دقيقا ففي البداية تنتابه نوبات من الخجل Shameفغضب أمه منه عند تبرزه وتبوله ، وبعد أن يكون قد شعر بثقته فى نفسه يملأه خجلا من نفسه .
ولكن تبادل الحب مع الأم يدفعه خطوة إلى استعادة ثقته وإلى إضافة جانب آخر إليه وهو الشعور بالتلقائيةspontaneity وتعنى التلقائية أن الطفل باطمئنانه إلى ذاته يستطيع أن يتبرز ويتبول بإرادته وتلقائيا دون الرجوع إلى أمه . ولكنه يستمر عاجزا عن إنفاق عملية التبول والتبرز لفترة طويلة تجعله يشك فى أمه وفى نفسه وأساس شكه هو تلك الضجة التي تثيرها الأم على إطلاقه لتبرزه ولبوله .
ولكنه يتمكن من التغلب على شكه ليزداد شعوره بالتلقائية وتحويل ثقته الأساسية إلى فعل ونشاط . وبذلك لا تنتابه مشاعر بالخجل من ذاته أو الشك فى قدرته ، ويشعر بتسامح أمه وكأنها تنظر إليه بوصفه كائنا قادرا يمكن الارتكان إليه
3 – المرحلة الثالثة :
عندما ينتقل الطفل إلى المرحلة القضيبية . بشعور أساسي بالثقة وإحساس بالتلقائية ، فإنه يتعرض لموقف صراعي جديد . أن مشاعره الجنسية تجاه والده من نفس الجنس معاقب وقاس ، ولكنه يتمكن بتأجيله لرغباته
المحارم من أن يتغلب على سبب شعوره بالذنب لتسود علاقة سوية بالوالدين . وأساس هذه العلاقة أن يشعر الطفل بقدرته على المبادأة Intittotion .
وتعنى المبادأة أن تكون لدى الطفل قدرة على القيام بأعمال والتعبير عن مشاعره فى حرية دون أن يأتيه ذلك الشعور بالذنب أو خوف من العقاب . فمشاعر الذنب المرتبطة بالرغبة الجنسية المحرمية تجعل الطفل عاجزا عن التمييز بين مشاعر ومشاعر أخرى . لذلك تنتابه مشاعر الذنب بالنسبة لكل فعل أو رغبة تجتاحه ويبدو هذا الشعور بالذنب فى تخاذل الطفل عن القيام بنشاطه دون أن تبدو حول معالم التشجيع ، فإذا أمكنه كبت رغبته الجنسية زال سبب الشعور بالذنب وأنطلق مبادئاً بالنشاط والتعبير .
4 – المرحلة الرابعة :
يتم للطفل فى آخر عمره السادس التغلب على هذه الرغبات المحرمية ويشرع فى الدخول فى مرحلة من النشاط الاجتماعي ، وتكون المراحل الثلاثة السابقة قد جعلته متحصلا على إحساسه بالثقة وشعور بالتلقائية وقدرة على المبادأة ، وينعكس ذلك على شعوره بالآخرين فى صورة شعور بالثقة بالتسامح والتشجيع . ويترتب على ذلك أن يشعر الطفل بان الآخرين يرون فيه إنسانا أهلا بالثقة وقادرا على الفعل ومبادئا . وعلى هذه الأسس وبعد اختفاء رغباته الطفلية فى شكلها الفج وكبتها يأخذ الطفل فى الاندماج فى المجتمع وتكوين صداقات متنوعة .
وفى هذه المرحلة لابد أن يحس الفتى الناشئ بأنه منتج Industrious كنتاج طبيعي لشعوره بذاته وشعوره بالآخرين ، ففي هذه المرحلة تبدأ فترة الدراسة بالنسبة للدول المتقدمة وفترة المشاركة فى العمل بالنسبة للدول النامية . وبذلك يجد الطفل فى دراسته أو عمله لذة ومصدرا لإحساس جديد بالذات هو الشعور بفائدته لغيره وحاجة الآخرين له. وإحساسهم بأنه قادر ومفيد
ولكن تمكن هذا الشعور من الذات ليس بالأمر اليسير . فكثيرا ما يتعرض الطفل إلى إحباط يعطيه شعورا بالدونية Inferiority ، ولكنه إذا تواجد فى بيئة مساعدة غير متعالية على إمكانياته البسيطة يستقر فيه إحساس بالإنتاجية ويقابله إحساس بأن الآخرين أناس يساعدون ويسهلون له الصعاب .
وبانتهاء هذه المراحل الأربعة من تطور حياة الطفل وبدأ الشخص الدخول إلى المراحل الرقى من الوعي بالذات .
يمكن تلخيص حصيلة الشعور بالذات والآخر وتوقع تقدير الآخرين للذات على هذا المنوال :
أ – الشعور بالذات: ثقة أساسية – تلقائية – مبادأة – إنتاجية
ب – الشعور بالآخر : جدير بالثقة – متسامح – مشجع – ممكن ومسهل
ج – توقع شعور الآخرين : اطمئنان إليه : ارتكان عليه - إعجاب به - توقع منه
ونجد أن شعور الطفل بذاته وبالآخر يكون نتيجة لاحتكاك رغباته بالعالم وبالآخرين اللذين يقومون على إشباعها له. وينعكس على شعوره بذاته ما يلقاه من إشباع الآخرين لرغباته . وتنبني عناصر الشخصية على هذا المنوال .
من هذا نجد أن الشخصية هي نتاج عملية تخلى عن أشياء فى مقابل اكتساب أشياء أخرى . تخلى عن رغبات بدائية حيوية فى مقابل اكتساب رغبات راقية ذات طابع نفسي .
أن الشخصية هي أسلوب تخلى وأسلوب اكتساب ونتاج أتزان وإمكانيات إشباعها وتحقيقها فى المجتمع . وهكذا نستطيع تتبع مراحل التطور بعد تكوين
نواة الشخصية لنرى ما يترتب على هذه النواة من خصائص .
5 – المراهقـــة :
بعد أن تستقر شخصية الطفل فى مرحلة الكمون Latency period وتهدأ مشاعره تجاه نفسه وتجاه الآخرين ، يتعرض مرة أخرى لاضطراب عنيف فى مرحلة المراهقة . ففي نهاية مرحلة الكمون تحدث تغييرات فسيولوجية سريعة فى جسم المراهق ويزداد نموه فجأة وتنشط فيه الرغبة الجنسية نشاطا قويا وبذلك تفقد الشخصية اتزانها ويضطرب شعورها بذاته وشعورها بالآخرين . فهذه التغيرات السريعة كثيرا ما تؤدى إلى ضعف الكبت الذي وقع على مشاعر عدم الثقة والشك والخجل والشعور بالذنب ، فتعاوده هذه المشاعر بقدر ما يفقد المراهق اتزانه .
فالموقف محير له، فمن جانب أصبح أكبر من أن يكون طفلا ، ومن جانب آخر أصغر من أن يكون راشدا ، وتتعاون المشاعر المكبوتة فى إنقاذ أنيته Identity وتعنى كلمة " الإنية " إحساس بالانتماء إلى المجتمع والقيام بدور فيه " فاضطرابات المراهق تفقد الشباب إدراكه لدوره ومكانه فى المجتمع ، ولكن مشاعر الحب سرعان ما تجعله يستعيد اتزانه ليأخذ دورا جديدا فى المجتمع Role taking وأن يشعر بالأنية . وينعكس شعوره بالأنية على شعوره بالآخرين حيث يرى مجتمعا مرحبا به يحتفظ له بمكانته فيه ، وبذلك يتصور الفتى الشاب أن المجتمع يراه جديرا بالانتماء إليه والمساهمة فى بنائه وحاصلا على إنية جديرة بالاحترام .
6 – مرحلة الشباب المبكر :
فالفتى فى هذه المرحلة يحتاج استقرار النشاط الفسيولوجى الضعيف الذي يباشره الفتى فى مرحلة المراهقةPuberty Period إلى بعض الوقت فإذا ما هدأ هذا التغير فى بداية العقد الثاني من العمر ، يدخل المراهق مرحلة جديدة هي مرحلة الشباب المبكر .
وفى هذه المرحلة يأخذ الشاب الصغير فى شق طريق فى الحياة اكثر استقلالا، وأقل حاجة للمساعدة وليس مما فيه شك أن الطريق يعرضه فى أحيان كثيرة لإحباطات ومشاكل لم يتعرض لها من قبل ، وهو ينعم بحماية أهله . لذلك ينتابه شعورا بالعزلة Isolation وبأن بيئته متباعدة عنه . إلا عندما يأخذ فى التقدم يستعيد شعوره بالألفة Intimacy وبأن مجتمعه رحب ودود وليس مجتمعا مجافيا .
ويستقر فيه إحساس بالألفة ليرى أن الآخرين ودودين له وبأنهم ينظرون إليه باعتباره فردا منهم يسعدون به كما يسعد بهم ،ويعتبر الشعور بالألفة امتدادا للشعور بالإنية ، كما أن الشعور بترحيب المجتمع به يستمر ليصبح إحساسا برحابة المجتمع ودوره .
7 – مرحلة الرجولة :
تعد مرحلة الرجولة من أطول مراحل العمر وأكثرها ديمومة ، فبعد أنتها مرحلة الشباب المبكر فى بداية العقد الثاني يدخل الشخص فى ممارسة طاقاته ليجنى ثمرة جهوده . ولا شك أن انتقال الفرد لهذه المرحلة مزودا بإحساس بالإنية والألفة يجعله قادرا على الأثمار والتزايد Generatively فإذا أخذنا هذه السمة حرفيا وجدنا أن دخول الشخص مرحلة الرجولة يدفعه إلى تكوين أسرة وإلى التكاثر .
أما إذا أخذنا تلك السمة مجازا فسنجد أن الرجل يدخل طورا من القدرة على مضاعفة إنتاجه والمشاركة فى الإثمار العام للمجتمع.
ويمنحه ذلك النشاط إحساسا بأنه نواة متوالدة ولادة ، ويجعله يشعر بأن النشاط مع الآخر مثمر ومجدي . وباستقرار هذا الشعور يختص شعوره بعقمه Stagnation وعدم جدواه للمجتمع ، وهو ما يجعله يشعر بأن مجتمعه يجافيه ولا يتيح له فرصة التوالد والإثمار ، وبشعوره بإثماره وبخصوبة مجتمع يتصور أن رأى مجتمعه فيه أنه إنسان أساسي وضروري .
8 – مرحلة الكهولة .
وتعد هذه المرحلة من اكثر المراحل دقة فى حياة الفرد . فقبل انتهاء الحياة وانطفاء جذوتها فى الفرد يمر الإنسان بفترة تتناقص فيها طاقاته ويقل معها إنتاجه .
إذ بعد أن باشر فى مجتمعه دورا مثمرا يجد نفسه قد أصبح أقل إثمارا . وعادة ما يصاحب هذا الإحساس شعوره باليأس من جدوى الاستمرار واشمئزاز من الذات لما يصيبها من وهن وقد عبر البعض عن ذلك بقولهم أن الحياة هي الرغبة فى الحياة ، وتعنى هذه العبارة أن مشاعر اليأس والاشمئزاز قد تنعكس على المسن فيرى أن الآخرين يستهينون به وأنهم أصعب من أن يعيش بينهم وأنهم يهزءون منه ويستضعفون أمره، مما يجعل رغبته فى الحياة تقل .
ولكن نجاح المسن فى مرحلة الرجولة ووفرة إنتاجه خلال سنواتها يمكنه من التماسك والإحساس بالاحترامIntegrity فمن خلال انتصاراته أثناء رجولته وبواسطة ما خلفه من آثار فى هذه المرحلة وعن طريق ما تمنحه هذه الانتصارات والمخلفات له من إحساس بالقيمة يمكن للإنسان أن يجد فى شيخوخته معان عدة ، لعل أهمها انه مرغوب فيه.
إن الشعور بالتماسك والاحترام يجعله يحكم على الآخرين بأنهم يحترمونه ويقدرون جهوده ويتمسكون ببقائه لما فى ذلك من عرفان بحقه وما يمكن أن يفاد من خبرته ومما يجعل هذه المرحلة من المراحل الدقيقة أن الإنسان يشعر فيها بأنه لن ينتقل إلى مرحلة تتلوها بل أن عليه الاستمرار فيها أطول فترة ممكنة وأن يظل على تمسكه باحترامه لذاته واحترام الآخرين له دون يأس يتفق المشتغلون بالتوجيه والإرشاد على أن المرشد الطلابي بحاجة كبيرة للتعرف على النظريات التي يقوم عليها التوجيه والإرشاد وذلك يعود لأهمية تطبيقها أثناء الممارسة المهنية للعمل الإرشادي حيث أن هذه النظريات تمثل خلاصة ما قام به الباحثون في مجال السلوك الإنساني والتي وضعت في شكل إطارات عامه تبين الأسباب المتوقعة للمشكلات التي يعاني منها المسترشد كما ترصد الطرق المختلفة لتعديل ذلك السلوك وما يجب على المرشد القيام به لتحقيق ذلك الغرض .
إن دراسة هذه النظريات تعطي تصورا للدور الذي يجب على المرشد القيام به، فالنظرية التي يمارس المرشد عمله في إطارها تحدد بدرجه كبيرة سلوكه في العملية الإرشادية، مع إمكانية الاستعانة بنظريات أخرى تساعده على القيام بدوره في المقابلة مثلا، أو في تشخيص الحالة أو في البرنامج العلاجي المقترح لهذه الحالة، وكما أن النظريات في التوجيه الإرشادي تعطي صورا عن الشخصية وخصائص النمو الإنساني ومراحله ومشكلاته فان على المرشد الطلابي أن يستفيد منها في ممارسة عمله المهني المتخصص بما لا يتعارض مع عقيدته وقيمه وآداب مجتمعه.
أولا : نظرية الذات :
وتعتمد هذه النظرية على أسلوب الإرشاد غير المباشر وقد أطلق عليها الإرشاد المتمركز حول المسترشد "العميل" وصاحب هذه النظرية هو كارل روجرز وتعتمد هذه النظرية على أسلوب الإرشاد غير المباشر وقد أطلق عليها الإرشاد المتمركز حول المسترشد ( العميل ) وصاحب هذه النظرية هو كارل روجرز .
وترى هذه النظرية أن الذات تتكون وتتكون وتتحقق من خلال النمو الإيجابي وتتمثل في بعض العناصر مثل صفات الفرد وقدراته والمفاهيم التي يكونها بداخله نحو ذاته والآخرين والبيئة الاجتماعية التي يعيش فيها وكذلك عن خبراته وعن الناس المحيطين به ، وهي تمثل صورة الفرد وجوهره حيويته ولذا فان فهم الإنسان لذاته له أثر كبير في سلوكه من حيث السواء أو الانحراف، وتعاون المسترشد مع المرشد أمر أساسي في نجاح عملية الإرشاد فلابد من فهم ذات المسترشد ( العميل ) كما يتصورها بنفسه ولذلك فانه من المهم دراسة خبرات الفرد وتجاربه وتصوراته عن نفسه والآخرين من حوله .
ويمكن تحديد جوانب اهتمامات هذه النظرية من خلال التالي :
1- إن الفرد يعيش في عالم متغير من خلال خبراته، ويدركه ويعتبره مركزه ومحوره .
2- يتوقف تفاعل الفرد مع العالم الخارجي وفق لخبرته وإدراكه لها لما يمثل الواقع لديه .
3- يكون تفاعل الفرد واستجابته مع ما يحيط به بشكل كلي ومنظم .
4- معظم الأساليب السلوكية التي يختارها الفرد تكون متوافقة مع مفهوم الذات لديه .
5- التكيف النفسي يتم عندما يتمكن الفرد من استيعاب جميع خبراته الحية والعقلية وإعطائها معنى يتلاءم ويتناسق مع مفهوم الذات لدية .
6- سوء التوافق والتوتر النفسي ينتج عندما يفشل الفرد في استيعاب وتنظيم الخبرات الحسية العقلية التي يمر بها .
7- الخبرات التي لا تتوافق مع مكونات ذات الفرد تعتبر مهدده لكيانها، فالذات عندما تواجهها مثل هذه الخبرات تزداد تماسكا وتنظيما للمحافظة على كيانها .
8- الخبرات المتوافقة مع الذات يتفحصها الفرد ثم يستوعبها، وتعمل الذات على احتوائها ، وبالتالي تزيد من قدرة الفرد على تفهم الآخرين وتقبلهم كأفراد مستقلين .
9- ازدياد الاستيعاب الواعي لخبرات الفرد يساعده على تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة التي تم استيعابها بشكل خاطئ لتؤدي إلي تكوين منهج أو سلوك خاطئ لدى الفرد .
تطبيقات النظرية :
يمكن للمرشد الطلابي أتباع الإجراءات التالية :
1- اعتبار المسترشد كفرد وليس مشكلة ليحاول المرشد الطلابي فهم اتجاهاته وأثره على مشكلته من خلال ترك المسترشد يعبر عن مشكلته بحرية حتى يتحرر من التوتر الانفعالي الداخلي .
2- المراحل التي يسلكها المشكل في ضوء هذه النظرية تتمثل في الأتي :
أ- مرحلة الاستطلاع والاستكشاف : يمكن التعرف على الصعوبات التي تعبق المسترشد وتسبب له القلق والضيق والتعرف على جوانب القوة لديه لتقويمها والجوانب السلبية من خلال الجلسات الإرشادية ومقابلة ولي أمره أو أخوته ومدرسية وأصدقائه وأقاربه وتهدف هذه المرحلة إلى مساعدة المسترشد على فهم شخصيته واستغلال الجوانب الإيجابية منها في تحقيق أهدافه كما يريد .
ب- مرحلة التوضيح وتحقيق القيم : وفي هذه المرحلة يزيد وعي المسترشد ويزيد فهمه وإدراكه للقيم الحقيقية التي لها مكانه لديه من خلال الأسئلة التي يوجهها المرشد والتي يمكن معها إزالة التوتر الموجود لدى المسترشد .
ج- المكافأة وتعزيز الاستجابات : تعتمد على توضيح المرشد لمدى التقدم لدى المسترشد في الاتجاه الإيجابي وتأكيده للمسترشد بأن ذلك يمثل خطوة أولية في التغلب على الاضطرابات الانفعالية .
ثانيا : نظرية الإرشاد العقلاني والانفعالي
صاحب هذه النظرية هو إلبرت أليس وهو عالم نفسي إكلينيكي اهتم بالتوجيه والإرشاد المدرسي والإرشاد الزواجي والأسري ، وترى هذه النظرية بأن الناس ينقسمون إلى قسمين ، واقعيون، وغير واقعيين، وأن أفكارهم تؤثر على سلوكهم فهم بالتالي عرضة للمشاعر السلبية مثل القلق والعدوان والشعور بالذم بسبب تفكيرهم اللاواقعي وحالتهم الانفعالية، والتي يمكن التغلب عليها بتنمية قدرة الفرد العقلية وزيادة درجة إدراكه .
تطبيقات النظرية :
يمكن للمرشد الطلابي من خلال هذه النظرية القيام بالإجراءات التالية :
1_ أهمية التعرف على أسباب المشكلة، أي معرفة الأسباب غير المنطقية التي يعتقد بها المسترشد والتي تؤثر على إدراكه وتجعله مضطربا .
2_ إعادة تنظيم إدراك وتفكير المسترشد عن طريق التخلص من أسباب المشكلة ليصل إلى مرحلة الاستبصار للعلاقة بين النواحي الانفعالية والأفكار والمعتقدات والحدث الذي وقع فيه المسترشد .
3_ من الأساليب المختلفة التي تمكن المرشد الطلابي من مساعدة المسترشد للتغلب على التفكير اللامنطقي هي:
أ- إقناع المسترشد على جعل هذه الأفكار في مستوى وعيه وانتباهه ومساعدته على فهم ( غير اللامنطقية) منها لديه.
ب- توضيح المرشد للمسترشد بان هذه الأفكار سبب مشاكله واضطرابه الانفعالي.
ج- توضيح الأفكار المنطقية ومساعدته على المقارنة بين الأفكار المنطقية.
د- تدريب المسترشد على إعادة تنظيم أفكاره وداكه وتغير الأفكار اللامنطقية الموجودة لديه ليصبح أكثر فعالية اعتمادا على نفسه فى الحاضر والمستقبل.
4_ أتباع المرشد الطلابي لأسلوب المنطق والأساليب المساعدة لتحقيق عملية الاستبصار لكسب ثقة المسترشد
5_ استخدام أساليب الارتباط الإجرائي والمناقشات الفلسفية والنقد الموضوعي وأداء الواجبات المنزلية وهي من أهم جوانب العملية الإرشادية.
6_ العمل على مهاجمة الأفكار اللامنطقية لدى المسترشد بإتباع الأساليب التالية:
أ- رفض الكذب وأساليب الدعاية الهدامة والانحرافات التي يؤمن بها الفرد غير العقلاني.
ب- تشجيع المرشد للمسترشد فى بعض المواقف وإقناعه على القيام بسلوك يعتقد المسترشد انه خاطئ ولم يتم فيجبره على القيام بهذا السلوك.
6/3 مهاجمة الأفكار والحيل الدفاعية التي توصل المرشد إلى معرفتها من خلال الجلسات الإرشادية مع المسترشد وإبدالها بأفكار أخرى.
ثالثا : النظرية السلوكية:
يرى أصحاب هذه النظرية بان السلوك الإنساني عبارة عن مجموعة من العادات التي يتعلمها الفرد ويكتسبها أثناء مراحل نموه المختلفة، ويتحكم في تكوينها قوانين الدماغ وهي قوى الكف وقوى الاستثارة اللتان تسّيران مجموعة الاستجابات الشرطية، ويرجعون ذلك إلى العوامل البيئة التي يتعرض لها الفرد .
وتدور هذه النظرية حول محور عملية التعلم في اكتساب التعلم الجديد أو في إطفائه أو إعادته، ولذا فان أكثر السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم ،وان سلوك الفرد قابل للتعديل أو التغيير بإيجاد ظروف وأجواء تعليمية معينة.
تطبيقات النظرية:
يقوم المرشد الطلابي بتحمل مسؤولياته في العملية الإرشادية وذلك لكونه أكثر تفهما للمسترشد من خلال قيامه بالإجراءات التالية:
1_ وضع أهداف مرغوب فيها لدى المسترشد وأن يستمر المرشد الطلابي بالعمل معه حتى يصل إلى أهدافه.
2_ معرفة المرشد الطلابي للحدود والأهداف التي يصبو إليها المسترشد من خلال ا لمقابلات الأولية التي يعملها مع المسترشد.
3_ إدراكه بان السلوك الإنساني مكتسب عن طريق التعلم وقابل للتغير.
4_ معرفة أسس التعلم الاجتماعي تأثيرها على المسترشد من خلال التغيرات التي تطرأ على سلوك المسترشد خارج نطاق الجلسات الإرشادية.
5_ صياغة أساليب إرشادية إجرائية عديدة لمساعدة المسترشد على حل مشكلاته.
6_ توقيت التعزيز المناسب من قبل المرشد ليكون عملا مساعدا في تحديد السلوك المطلوب من المسترشد،وقدرته على استنتاج هذا السلوك المراد تعزيزه.
المبادئ التي ترتكز عليها هذه النظرية في تعديل السلوك:
في النظرية السلوكية بعض المبادئ والإجراءات التي تعتمد عليها وتحتاج المرشد الطلابي لتطبيقها كلها أو اختيار بعضها في التعامل مع المسترشد من خلال العلاقة الإرشادية على النحو التالي:
1_ الاشتراط الإجرائي:
ويطلق عليه مبادئ التعلم حيث إنها تؤكد على الاستجابات التي تؤثر على الفرد،فان التعلم يحدث إذا أعقب السلوك حدث في البيئة يؤدي إلى إشباع حاجة الفرد واحتمال تكرار السلوك المشبع في المستقبل وهكذا تحدث الاستجابة ويحدث التعلم أي النتيجة التي تؤدي إلى تعلم السلوك وليس المثير، ويرتبط التعلم الإجرائي في أسلوب التعزيز الذي يصاحب التعلم وصاحب هذا الإجراء هو (سكنر) والذي يرى أن التغيرات تحدث نتيجة لتبادلات في سلسلة من المقدمات و الاستجابات والنتائج مما تؤدي إلى التحكم في الإجراء إذا كان وجود النتيجة يتوقف على الاستجابة.
ولهذا الإجراء استخدامات كثيرة في مجال التوجيه والإرشاد والعلاج السلوكي وتعديل سلوك الأطفال والراشدين في المدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والعيادات ولها استخداماتها في التعليم والتدريب والإدارة والعلاقات العامة.
2_ التعزيز أو التدعيم :
ويعتبر هذا المبدأ من أساسيات عملية التعلم الإجرائي والإرشاد السلوكي ويعد من أهم مبادئ تعديل السلوك لأنه يعمل على تقوية النتائج المرغوبة لذا يطلق عليه اسم مبدأ (الثواب أو التعزيز) فإذا كان حدث ما (نتيجة ) يعقب إتمام استجابة (سلوك) يزداد احتمال حدوث الاستجابة مرة أخرى يسمى هذا الحدث اللاحق معزز أو مدعم.
والتعزيز نوعان هما:
أ- التعزيز الإيجابي:
وهو حدث سار كحدث لاحق (نتيجة) لاستجابة ما (سلوك) إذا كان هذا الحدث يؤدي إلى زيادة استمرار قيام السلوك، مثال:
طالب يجيب على سؤال أحد المعلمين فيشكره ويثني عليه، فيعاود الطالب الرغبة في الإجابة على أسئلة المعلم.
ب- التعزيز السلبي :
ويتعلق بالمواقف السلبية والبغيضة والمؤلمة فإذا كان استبعاد هذا الحدث منفرد يتلو حدوث سلوك بما يؤدي إلى زيادة حدوث هذا السلوك فان استبعاد هذا الحدث يطلق عليه تدعيم أو تعزيز سلبي. مثال:
فرد لديه حلة أرق بدأ يقرأ في صحيفة فاستسلم للنوم نجد أنه فيما بعد يقرأ الصحيفة عندما يرغب النوم.
3_ التعليم بالتقليد والملاحظة والمحاكاة:
وتتركز أهمية هذا المبدأ حيث أن الفرد يتعلم السلوك من خلال الملاحظة والتقليد، فالطفل يبدأ بتقليد الكبار ،والكبار يقلد بعضهم بعضا وعادة يكسب الأفراد سلوكهم من خلال مشاهدة نماذج في البيئة وقيامهم بتقليده،ويتطلب في العملية الإرشادية تغيير السلوك وتعديله إعداد نماذج السلوك السوي على أشرطة تسجيل (كاسيت) أو أشرطة فيديو أو أفلام أو قصص سير هادفة لحياة أشخاص مؤثرين ذوى أهمية كبيرة على الناشئة مثل قصص الصحابة رضوان الله عليهم لكونهم يمثلون قدوة حسنة يمكن الاحتذاء بهم، وكذا قصص العلماء والحكماء من أهل الرأي والفطنة والدراية، وكذلك نماذج من حياتنا المعاصرة فمحاكاة السلوك المرغوب من خلال الملاحظة يعتمد على الانتباه والحفظ واستعادة الحركات والهدف أو الحافز، إذا يجب أن يكون سلوك النموذج أو المثال هدفا يرغب فيه المسترشد رغبة شديدة، فجهد مثل هذا يمثل أهمة كبيرة للمسترشد وذا تأثر قوي عليه، ويمكن استخدام النموذج الاجتماعي في الحالات الفردية والإرشاد والعلاج الجماعي.
4_ العقاب:
ويمثل في الحدث الذي يعقب حدوث الاستجابة والذي يؤدي إلى إضعاف الاستجابة التي تعقب ظهور العقوبة، أو التوقف عن هذه الاستجابة وينقسم العقاب إلى قسمين هما:
أ- العقاب الإيجابي:
ويتمثل في ظهور حدث منفر (مؤلم) للفرد بعد استجابة ما يؤدي إلى إضعاف هذه الاستجابة أو توقيفها ومن أمثلة ذلك العقاب (العقاب البدني ) والتوبيخ بعد قيام الفرد بسلوك غير مرغوب إذا كان ذلك يؤدي إلى نقص السلوك أو توقفه، ونؤكد بان أسلوب استخدام العقاب البدني محظور على المرشد الطلابي وكذا المعلمين.
ب- العقاب السلبي:
وهو استبعاد حدث سار للفرد يعقب أي استجابة مما يؤدي إلى أضعافها أو اختفائها مثال:
حرمان الأبناء من مشاهدة بعض برامج التلفاز وتوجيههم لمذاكرة دروسهم وحل وجباتهم فان هذا الإجراء يعمل على تقليل السلوك غير المرغوب وهو عدم الاستذكار ولكنه يحرمهم من البرامج المحببة لديهم، يسمى عقابا سلبيا،ويفضل المرشدون والمعالجون النفسيون أسلوب العقاب السلبي في معالجة الكثير من الحالات التي يتعاملون بها .
5_ التشكيل :
وهي عملية تعلم سلوك مركب وتتطلب تعزيز بعض أنواع السلوك وعدم تعزيز أنواع أخرى ويتم من خلال استخدام القوانين التالية :
أ- الانطفاء أو الإطفاء أو الإغفال أو المحو :
وهو انخفاض السلوك في حال التعزيز سواء أكان بشكل مستمر أم منقطع فيحدث المحو أو الانطفاء أو الإغفال أو الإطفاء.. وتفيد في تغيير السلوك وتعديله وتطويره ويتم من خلال إهمال السلوك وتجاهله وعدم الانتباه إليه أو عن طريق وضع صعوبات أومعوقات أمام الفرد مما يعوق اكتساب السلوك ويعمل علي تلاشيه مثال ذلك :
الطالب الذي تصدر منه أحيانا كلمات غير مناسبة كالتنابز بالألقاب مثلا فان من وسائل التعامل مع هذا السلوك هو إغفال وتجاهل تماما مما قد يؤدي إلى الكف عن ممارسة هذا السلوك.
ب- التعميم :
ويحدث التعميم نتيجة لأثر تدعيم السلوك مما يؤدي إلى تعميم المثير على مواقف أخرى مثيراتها شبيهة بالمثير الأول أو تعميم الاستجابة في مواقف أخرى مشابه، ومن أمثلة التعميم:
( مثال على تعميم المثير ):
الطفل الذي يتحدث عن أمور معينة في وجود أفراد أسرته (مثير) قد يتحدث عن هذه الأمور بنفس الطريقة مع ضيوف الأسرة (مثير) فسلوك الطفل تم تعميمه إلى مواقف أخرى ،ولذا نجد مثل هذه الحالات في الفصل الدراسي ويمكن تعميم السلوكيات المرغوب فيها لبقية زملاء الدراسة.
(مثال على التعميم الاستجابة):
تتغيير استجابة شخص إذا تأثر باستجابات أخرى لديه فلو امتدحنا هذا الشخص لتبسمه (استجابة) فان قد يزيد معدل الضحك والكلام أيضا لذا فان في تدعيم الاستجابة يحدث وجود استجابات أخرى (الابتسامة والضحك) عند امتداحه في موقف أخرى.
ج- التمييز :
ويتم عن طريق تعزيز الاستجابة الصحيحة لمثير معين أي تعزيز الموقف المراد تعليمه أو تعديله ومثال ذلك: عندما يتمكن الفرد من إبعاد يديه عن أي شئ ساخن كالنار مثلا.
6_ التخلص من الحساسية أو (التحصين التدريجي ) :
ويتم ذلك في الحالات التي يكون فيها الخوف والاشمئزاز والذي ارتبط بحادثة معينة فيستخدم طريقة التعويد التدريجي المنظم ويتم التعرف على المثيرات التي تستثير استجابات شاذة ثم يعرض المسترشد تكرارا وبالتدريج لهذه المثيرات المحدثة للخوف أو الاشمئزاز في ظروف يحس فيها بأقل درجة من الخوف أو الاشمئزاز وهو في حالة استرخاء بحيث لا تنتج الاستجابة الشاذة ثم يستمر التعرض على مستوى متدرج في الشدة حتى يتم الوصول إلى المستويات العالية من شدة المثير بحيث لا تستثير الاستجابة الشاذة السابقة وتستخدم هذه الطريقة لمعالجة حالات الخوف والمخاوف المرضية.
7_ الكف المتبادل :
ويقوم أساسا على وجود أنماط من الاستجابات المتنافرة وغير المتوافقة مع بعضها البعض مثل الاسترخاء والضيق مثلا، ويمكن استخدامه في معالجة التبول الليلي حيث أن التبول يحدث لعدم الاستيقاظ والذهاب إلى دورة المياه، ولذا فأن الطفل يتبول وهو نائم على فراشه والمطلوب كف النوم فيحدث الاستيقاظ والتبول بشكل عادة الاستيقاظ لذا فأن كف النوم يؤدي إلى كف التبول بالتبادل، لذلك لابد من تهيئة الظروف المناسبة لتعليم هذا النمط السلوكي.
8- الاشتراط التجنبي :
يستخدم المرشد أو المعالج النفسي لتعديل السلوك غير المرغوب فيه وقد استخدم في معالجة الذكور الذين ينزعون الجنس الآخر والتشبه بهم أو في علاج الكحولية أو التدخين، ويتم استخدام مثيرات منفرة كالعقاقير المقيئة والصدمات الكهربائية وأشرطة كاسيت تسجل عليها بعض العبارات المنفرة والتي تتناسب مع السلوك الذي يراد تعديله.
9_ التعاقد السلوكي (الاتفاقية السلوكية) :
ويقوم هذا الأسلوب على فكرة أن من الأفضل للمسترشد أن يحدد بنفسه التغيير السلوكي المرغوب ،ويتم من خلال عقد يتم بين طرفين هما المرشد والمسترشد يحصل بمقتضاه كل واحد منهما على شئ من الآخر مقابل ما يعطيه له، ويعتبر العقد امتداد لمبادئ التعليم من خلال إجراء يتعزز بموجبه سلوك كعين مقدما حيث يحدث تعزيز في شكل مادي ملموس أو مكافأة اجتماعية فعلى سبيل المثال نجد أن المسترشد الذي يعاني من أتترهل والسمنة ويريد إنقاص وزنه يتم العقد بينه وبين المرشد على أن يودع الطرف الأول مبلغ من المال لنفرض خمسمائة ريال على أن تعاد إليه كل خمسين ريالا إذا نقص وزنه كيلوجراما أو أنه يفقدها في حالة زيادة وزنه كيلو جراما واحدا.
نظرية سيجموند فرويد
Freud
من هذا نرى أن تكوين الشخصية ما هو إلا مفهوم التكامل بين منظماتها المختلفة فلقد نرى تكوين الشخصية لدى فرويد Freud على سبيل المثال ، فالشخصية لديه تتكون من قوى ثلاث منفصلة وغير منفصلة تعمل فى وحدة تكاملية لأن كل منها لها خصائصها ووظائفها ومكوناتها ومبادئها وميكانزماتها ودينامياتها وغير منفصلة الآن كلها يتفاعل بعضه مع البعض الآخر ، ولا يمكن فصل تأثير أحدها عن الآخر ، لذلك فإن سلوك الإنسان إنما هو نتاج عمل هذه القوى الثلاث وهذه القوى هي السهو Id والأنا ego والأنا الأعلى superego .
الهو id
هو مستقر الطاقة النفسية والبيولوجية ويتكون من كل ما هو موروث أي ما هو فطرى بما فى ذلك الغرائزinstincts ، ويسميه فرويد " بالواقع النفسي الحقيقي " لأنه محصلة تجربة مقصورة على الخبرة الذاتية للعالم الداخلي ويجهل كل شئ عن العالم الواقعي ، هو جانب لا شعوري عميق لا يعرف عن الأخلاق شيئا ولا عن القيم ،
والهو يتخلص من التوترات غير المريحة أي المؤلمة آتى تصيب الفرد بطريقة مباشرة أي يخفض التوتر أيا كان صوره وهذا المبدأ هو مبدأ اللذة Hedonism والهو من الجانب البيولوجي للشخصية ، ولكي يتغلب الهو على الألم ويحقق اللذة فإن هذا يتطلب " عملية أولية " التي تزود الفرد بصورة ذهنية لموضوع يزيل التوتر .
كما يحدث فى الحلم الذي يكون غالبا محاولة لتحقيق رغبة ، على أن العمليات الأولية غير قادرة على خفض التوتر وأن كانت هي الواقعة الذي يعرفه الهو ، ولما كان الفرد لا يستطيع أن يحقق رغباته تحقيقا حقيقيا فى الحلم فأن هذه العمليات الأولية تلزم أن يكون إلى جانبها عمليات نفسية ثانية وهنا تبدأ الأنا فى الظهور .
الأنـاego
الأنا تتكون بالفعل من التنشئة الاجتماعية ، ذلك أن حاجات الكائن الإنساني تتطلب طريقة مناسبة للتعامل مع العالم الخارجي ، أي تتطلب تعلما لكيفية إشباع الفرد لحاجاته الفطرية دون معارضة من العالم الخارجي ( العالم الواقعي ) أوكف لها أو إحباط.
والأنا مركز للشعور والإدراك والتفكير وتبصر للعواقب ، لهذا فهو يقوم بالحد من اندفا عات السهو وتعديل سلوكه ، لذلك فإنه يخضع لمبدأ الواقع ويعمل طبقا للعمليات الثانوية أي للتفكير الواقعي فيشبع هذا الدافع ويرجئ ذلك دون إسراف فى الإشباع أوفى الإرجاء ، ويتميز بهذه الصفات أنا الراشد السوي،
بينما يكون أنا الطفل فجا ، يخضع لمبدأ اللذة .
والأنا يستعيد قوته من السهو وهدفه المحافظة على حياة الفرد والعمل على تكاثر النوع الإنساني ، أنه الشخصية الشعورية وأنه الجانب السيكولوجي للشخصية .
الأنا الأعلى Super - ego
ويمكن النظر إليه على أنه سلطة تشريعية تنفيذية أو هو الضمير
Conscience وهذه السلطة أو هذا الضمير هو ممثل للقيم كما تعلمه الطفل أثناء عملية التنشئة الاجتماعية عن طريق الثواب والعقاب ، والأنا الأعلى يبدأ من سن مبكرة ، لذلك فهو جانب لا شعوري . هو مثالي ينزع إلى الكمال فالطفل لكي يحصل على الثواب ويتجنب العقاب فأنه يتعلم أن يسلك السلوك الذي يرتضيه والداه وينبذ ما ينبذه والداه ، فكل ما يعاقبانه عليه يستطبه ضميره، وكل ما يرتضيانه يتوحد بأناه المثالية فالأولى تمثل شق الأنا الأعلى والآخر يشكل الشق الثاني له .
ويتم ذلك عن طريق الميكانزم أو الحيلة ، فالضمير يعاقب الفرد والأنا المثالي يجعل الفرد يشعر بالفخر بنفسه ، بذلك تتم عملية الضبط الذاتي ولا حاجة لعقاب أو ثواب الوالدين ، أي يتم تنشئة الأنا الأعلى .
من ذلك نرى أن فى الشخصية ثلاث قوى متعاونة تعمل كفريق واحد متعاون قوة بيولوجية وقوة سيكولوجية وقوة اجتماعية والشخصية تكون قواها متعاونة فى حالة السواء ، متصارعة فى حالة المرض أو سوء التوافق ، وبهذا يسوء توافق الفرد ، ويصبح نهبا للصراعات والقلق والتوتر ، ولا يصبح متمتعا بالصحة النفسية .
ميكانزمات الدفاع .
عندما يحدث صراع بين الدوافع الذي يلح فى طلب الإشباع وبين القوى التي تعوق هذا الإشباع فيتصنع الأنا الأعلى ما يعرف بأساليب التوافق للوصول إلى حل ودي للصراع وبذلك فإن الأساليب التي يلجأ إليها تتسم بالمرونة والخداع والالتواء 00 وبذلك يحقق الأنا توفيق الشخصية ونجاحها اجتماعيا . ومن هذه الأساليب :
1 – القمع .
عندما يقوم الأنا بتأجيل إشباع الدوافع أو التعبير عنه إلى أن تتهيأ الظروف المناسبة لهذا الإشباع أو التعبير . لإذن فالقمع عملية استبعاد مؤقت والانا يقم بوعي تام بهذه العملية ويسيطر عليها 000 لذا فان عملية القمع شعورية .
2 – الكبت Repression .
وهو عملية يقوم فيها الأنا باستبعاد الدوافع والذكريات والأفكار من منطقة الشعور إلى اللاشعور ومن هنا لم يعد يشعر بها الأنا وهذه الدوافع لا تموت بانتقالها إلى اللاشعور بل تظل حبيسة بطريق غير مباشر عن طريق هفوة أو حلم أو مرض نفسي إشباعا محرفا مقنعا .
3 – النقل Displsment.
ويقوم الأنا فى هذه العملية بنقل دوافع أو رغبة مرتبطة بموضوع معين إلى موضوع آخر 000 ويقوم الأنا بهذا النقل لا شعوريا أو شعوريا – مثل الزوج الذي يصب غضبه على زوجته عندا يهان من رئيسة وذلك لتصريف دافع العدوان الذي استثير لديه .
4 – التسامي Sublimation.
وهو إحدى العمليات التي يلجأ إليها الأنا فى حله للصراع فينقل طاقة دافع من موضوع أصلى تريد أن تنطلق إليه إلى موضع آخر بديل مقبول اجتماعيا وتتم هذه العملية على مستوى لا شعوري ،مثل تحويل طاقة الدافع الجنسي لدى المراهقين إلى الرياضة والفن والخدمات الاجتماعية . ويحدث التسامي أيضا فى السلوك العدوان فبدلا من العدوان والتدمير فيتسامى بها الأنا الأعلى فيصرفها فى الرياضات العنيفة المحبذة اجتماعيا ( الملاكمة – المصارعة )
5 – الإسقاطProjection .
فإذا حدث صراع داخل الشخص حول دافع معين فيقوم الأنا بأن يتخلص من هذا الدافع برميه على شخص خارجي أو أي شئ خارجي . وترى الشخص أن هذا الشخص أو الشيء الخارجي دوافعها هي واتجاهاتها هي وخصائصها الذاتية هي .
وهكذا نميل إلى أن نسقط دوافعنا وميولنا وأحاسيسنا التي لا نحب الاعتراف بها على غيرنا من الأشخاص بحيث نراها ملتصقة بهم بعيدة عنا ( كما يعتقد المجنون أنه عاقل وما سواه مجانين ) .والإسقاط يحدث على مستوى لا شعوري وهو لا يشمل الدوافع والرغبات والخصائص المرفوضة اجتماعيا فقط بل والمقبولة اجتماعيا 00 فيدرك الشخص السعيد أن كل الناس سعداء وهكذا.
6 – التوحد Identification.
قبل أن نفهم التوحد لابد أن نفهم عملية المحاكاة والتقليد 00 فالتقليد يقوم به الشخص فى تقليد حركات شخص آخر وتفكيره وهذه العملية مؤقتة ( مثل الممثل وتقليده لدور شخصية تاريخية مثلا ) إذن يصنع الفرد نفسه شعوريا فى موقف الشخصية التي يقلدها بشكل مؤقت.
أما التوحد فهو عملية تلجأ إليها الشخصية بشكل شعوري فتتمثل بهذه العملية وتندمج اتجاهات ودوافع شخص آخر بحيث تصبح اتجاهات ودوافع أصيلة لها 00 ولهذا فإن التغير الذي يحدث فى الشخصية نتيجة عملية التوحد لا يكون مقصودا أو مؤقتا ومفتعلا مثل المحاكاة .
فالابن يتوحد بأبيه ولا يقلده وكذلك البنت والشخص يتوحد بالشخصيات التي يرى فيها مثله العليا 00 ويشبع دوافعنا ويحقق ميولنا كنوع من إشباع هذه الدوافع التي قد تكون محيطة فى الواقع 000 فلا عجب أن نجد بين المشاهدين يسعد عندما ينجح البطل وينفجر باكيا عندما يلاقى البطل مآسي لأن النجاح الذي يحدث لمن نتوحد بهم نجاحا لنا والعكس يكون إحباطا لنا.
7 – التحول Teranferance.
يلجا فيها الفرد إلى حل صراعه النفسي عن طريق تحويله إلى حل يبدو فى عرض جسمي وتتم لا شعوريا – ونجدها فى الهستيريا التحولية كالشلل الهستيري للذراع . والعلاج فى هذا لا يفيد إلا العلاج النفسي .
8 – التكوين العكسي Reaction Formation .
وهو تكوين سمة شخصية مضادة لدافع غير مرغوب فيه يوجد دفينا فى الشخص بحيث يطرأ تغير جوهري على هذا الدافع تقلبه إلى الضد تماما فى شعور الشخص وفى هذه الحالة يكون ما فى شعور الشخص مضاد لماه وموجود بلا شعوره ( مثال عدم الاشتهاء الجنسي للمحارم عند الكبار كتكوين عكسي لاشتهائهم فى الطفولة الأولى والشفقة المفرطة كتكوين عكسي للرغبة الجامحة فى القسوة والاعتداء .
ونود أن نقول أن الرغبات والميول التي يعالجها الأنا باستخدام هذه العملية هي المنبوذة اجتماعيا وتتم لا شعوريا.
9 – التبرير .
يلجأ إليها الأنا ليبرر سلوك الشخصية أو ميولها أو دوافعها التي لا تلقى قبولا من المجتمع أو الأنا الأعلى بحيث يقدم الأنا مبررات وجيهة تقنع الشخص على المستوى الشعوري بها ويحاول إقناع الغير أيضا حتى لا يلام على ذلك( مثل التلميذ الذي يبرر رسوبه بتحدي المدرس له ) .
وهذه العملية لتبريره تحفظ للشخص ثقته وتقديره لكفاءته ولنزاهة دوافعه وسلوكه وترفع قيمته لدى الآخرين ، وهذه العملية تتم لا شعوريا 000وتكون الشخصية صادقة فى إقناعها بما تقدمه من أسباب تبريريه لسلوكها ودوافعها وهذا بخلاف التمويه الذي يلجأ إليه الشخص شعوريا .
10 – النكوص Regression.
هو عودة الشخصية إلى أنماط من السلوك والإشباع النفسي لدوافعها لا تتفق مع مرحلة النمو التي وصلت إليها فتصبح كالشخص الراشد الذي ينطق الكلام بطريقة طفلي مثلا . وهذا السلوك يعتبر غريبا .
فالنكوص يلعب دورا أساسيا فى الأمراض والانحرافات الجسمية حيث نجد أن الشخصية التي بلغت سن الرشد وقد تراجعت إلى دوافع وأساليب إشباع غير ناضجة لن تتفق والنضج الجسمي الذي وصلت إليه . وتلجأ الشخصية فى ذلك إلى تحريف دوافعها وأساليبها الطفلية حتى تموهها على الآخرين وعلى الذات.
11 – الاستدماج Interjection .
هي أن يقوم الفرد بإستدماج الموضوعات التي يهتم بها داخل ذاته بحيث تصبح جزءا منه أي من ذاته وبذلك ينفصل الفرد عن العالم الخارجي المحيط بحالة شبه بالاكتفاء الذاتي.
12– الأحلام Dreams.
هي عملية يلجأ إليها الفرد لإشباع دوافعه التي تلح على طلب الإشباع إذا كان هذا الإشباع مستحيلا فى الواقع ويصدق هذا على أحلام اليقظة وأحلام النوم 000ففى أحلام اليقظة يحقق أهدافه عن طريق تخييلات 00
أما فى أحلام النوم فالأمر يختلف لأن الرغبات فيها مموهة مخفاة بحيث لا يعي الحلم نفسه هي عمليات وحيل من طبيعة خاصة تميز اللاشعور عن الشعور فيما يستخدم من منطق وحيل والتحليل النفسي هو آذى ينجح فى كشف الدوافع التي تشبعها الأحلام.
13 – التعويض .
تقوم بها الشخصية بشكل شعوري و أحيانا لا شعوري و أحيانا بالجمع بين ما هو شعوري ولا شعوري حيث تحس نقصا فى جانب بتقوية جانب آخر للتغلب على هذا النقص والتعويض عنه . وغالبا ما تمعن الشخصية فى استخدام حيلة التعويض هذه وتشتد فيتحول الأمر إلى ما يعرف بالتعويض الزائد ( مثل الأعمى الذي يعوض هذا النقص فى مجالات أخرى بحواس أخرى )
مراحل النمو للإنسان
استطاع أر يكسون أن يحدد ثمانية مراحل هامة فى تطور الشخصية وتتميز كل مرحلة بنوع خاص من الصراع الذي ينتهي إلى إعطاء الشخص شعورا متميزا بذاته وإحساسا مقابلا بالآخرين . ويمكن من تتبع التطور عبر هذه المراحل الثمانية أن ندرك طبيعة الشخصية السوية ، وأن نجد كذلك معالم الأمراض التي تصيب الشخصية فى تطورها ويبين الجدول التالي تلك المراحل :.
اسم المرحلة
|
الفمية
|
الشرجية
|
القضيبية
|
الكمون
|
المراهقة
|
بداية الشباب
|
الشباب
|
الشيخوخة
|
الإحساس السوي
|
الثقة
|
التلقائية
|
المبادأة
|
الإنتاجية
|
الآنية
|
الألفة
|
الخصوبة
|
التماسك
|
الإحساس اللاسوى
|
عدم الثقة
|
الشك والخجل
|
الذنب
|
الدونية
|
فقدان الدور
|
العزلة
|
العقم
|
الاشمئزاز اليأس
|
1 – المرحلة الأولى :
إن المشاكل التي يتعرض لها الطفل فى سنته الأولى أي المرحلة الفمية تتلخص فى موقف الثقة فى أمه أو عدم الثقة فيها . فالإشباع المتصل المستمر يجعل الرضاعة عملية مزدوجة فبالإضافة إلى أنها تشبع جوعه فأنها تمنحه قدرا كبيرا من الشعور بالحب ، وبذلك يكون الحب علاقة قوية مع الأم تجعل الطفل يستطيع أن يتحمل الفطام والحرمان من الطعام دون أن يعتبر ذلك تخليا من الأم عنه.
ويتضح شعور الحب هذا فى إحساس الطفل بثقته فى أمه وبالتالي يأتيه شعور أساسي بالثقة فى نفسه ، ويعنى بالشعور الأساسي بالثقة فى الذات اطمئنان إلى أنه كائن محب وليس خطيرا مدمرا ، إما إذ كان الإطعام غير منتظم وغير مشبع بعلاقة الحب فإن الطفل سيشعر بعدم ثقته فى أمه واحتمال تخليها عنه .
وبذلك يعنى الفطام أو الحرمان انسحاب ثقته بأمه وينعكس هذا على نفسه فى شعور بأنه غير جدير بالثقة وبأنه أن لا يؤمن جانبه ، ويعبر عن نتائج هذه المرحلة بأنها مرحلة الشعور الأساسي بالثقة Basic Trues فإذا تمت بنجاح كان شعور الثقة وكان الشعور بالآخر بأنه جدير بالثقة وكان تصور رأى الآخرين بأنه هو الآخر جدير بالاطمئنان عليه
2 – المرحلة الثانية :
فى المرحلة الشرجية يتعرض الطفل إلى مشاعر من نوع آخر فإذا انتهت المرحلة السابقة على الوجه السليم ، فإن مشاعره تجاه تبرزه وتبوله تشكل له موقفا دقيقا ففي البداية تنتابه نوبات من الخجل Shameفغضب أمه منه عند تبرزه وتبوله ، وبعد أن يكون قد شعر بثقته فى نفسه يملأه خجلا من نفسه .
ولكن تبادل الحب مع الأم يدفعه خطوة إلى استعادة ثقته وإلى إضافة جانب آخر إليه وهو الشعور بالتلقائيةspontaneity وتعنى التلقائية أن الطفل باطمئنانه إلى ذاته يستطيع أن يتبرز ويتبول بإرادته وتلقائيا دون الرجوع إلى أمه . ولكنه يستمر عاجزا عن إنفاق عملية التبول والتبرز لفترة طويلة تجعله يشك فى أمه وفى نفسه وأساس شكه هو تلك الضجة التي تثيرها الأم على إطلاقه لتبرزه ولبوله .
ولكنه يتمكن من التغلب على شكه ليزداد شعوره بالتلقائية وتحويل ثقته الأساسية إلى فعل ونشاط . وبذلك لا تنتابه مشاعر بالخجل من ذاته أو الشك فى قدرته ، ويشعر بتسامح أمه وكأنها تنظر إليه بوصفه كائنا قادرا يمكن الارتكان إليه
3 – المرحلة الثالثة :
عندما ينتقل الطفل إلى المرحلة القضيبية . بشعور أساسي بالثقة وإحساس بالتلقائية ، فإنه يتعرض لموقف صراعي جديد . أن مشاعره الجنسية تجاه والده من نفس الجنس معاقب وقاس ، ولكنه يتمكن بتأجيله لرغباته
المحارم من أن يتغلب على سبب شعوره بالذنب لتسود علاقة سوية بالوالدين . وأساس هذه العلاقة أن يشعر الطفل بقدرته على المبادأة Intittotion .
وتعنى المبادأة أن تكون لدى الطفل قدرة على القيام بأعمال والتعبير عن مشاعره فى حرية دون أن يأتيه ذلك الشعور بالذنب أو خوف من العقاب . فمشاعر الذنب المرتبطة بالرغبة الجنسية المحرمية تجعل الطفل عاجزا عن التمييز بين مشاعر ومشاعر أخرى . لذلك تنتابه مشاعر الذنب بالنسبة لكل فعل أو رغبة تجتاحه ويبدو هذا الشعور بالذنب فى تخاذل الطفل عن القيام بنشاطه دون أن تبدو حول معالم التشجيع ، فإذا أمكنه كبت رغبته الجنسية زال سبب الشعور بالذنب وأنطلق مبادئاً بالنشاط والتعبير .
4 – المرحلة الرابعة :
يتم للطفل فى آخر عمره السادس التغلب على هذه الرغبات المحرمية ويشرع فى الدخول فى مرحلة من النشاط الاجتماعي ، وتكون المراحل الثلاثة السابقة قد جعلته متحصلا على إحساسه بالثقة وشعور بالتلقائية وقدرة على المبادأة ، وينعكس ذلك على شعوره بالآخرين فى صورة شعور بالثقة بالتسامح والتشجيع . ويترتب على ذلك أن يشعر الطفل بان الآخرين يرون فيه إنسانا أهلا بالثقة وقادرا على الفعل ومبادئا . وعلى هذه الأسس وبعد اختفاء رغباته الطفلية فى شكلها الفج وكبتها يأخذ الطفل فى الاندماج فى المجتمع وتكوين صداقات متنوعة .
وفى هذه المرحلة لابد أن يحس الفتى الناشئ بأنه منتج Industrious كنتاج طبيعي لشعوره بذاته وشعوره بالآخرين ، ففي هذه المرحلة تبدأ فترة الدراسة بالنسبة للدول المتقدمة وفترة المشاركة فى العمل بالنسبة للدول النامية . وبذلك يجد الطفل فى دراسته أو عمله لذة ومصدرا لإحساس جديد بالذات هو الشعور بفائدته لغيره وحاجة الآخرين له. وإحساسهم بأنه قادر ومفيد
ولكن تمكن هذا الشعور من الذات ليس بالأمر اليسير . فكثيرا ما يتعرض الطفل إلى إحباط يعطيه شعورا بالدونية Inferiority ، ولكنه إذا تواجد فى بيئة مساعدة غير متعالية على إمكانياته البسيطة يستقر فيه إحساس بالإنتاجية ويقابله إحساس بأن الآخرين أناس يساعدون ويسهلون له الصعاب .
وبانتهاء هذه المراحل الأربعة من تطور حياة الطفل وبدأ الشخص الدخول إلى المراحل الرقى من الوعي بالذات .
يمكن تلخيص حصيلة الشعور بالذات والآخر وتوقع تقدير الآخرين للذات على هذا المنوال :
أ – الشعور بالذات: ثقة أساسية – تلقائية – مبادأة – إنتاجية
ب – الشعور بالآخر : جدير بالثقة – متسامح – مشجع – ممكن ومسهل
ج – توقع شعور الآخرين : اطمئنان إليه : ارتكان عليه - إعجاب به - توقع منه
ونجد أن شعور الطفل بذاته وبالآخر يكون نتيجة لاحتكاك رغباته بالعالم وبالآخرين اللذين يقومون على إشباعها له. وينعكس على شعوره بذاته ما يلقاه من إشباع الآخرين لرغباته . وتنبني عناصر الشخصية على هذا المنوال .
من هذا نجد أن الشخصية هي نتاج عملية تخلى عن أشياء فى مقابل اكتساب أشياء أخرى . تخلى عن رغبات بدائية حيوية فى مقابل اكتساب رغبات راقية ذات طابع نفسي .
أن الشخصية هي أسلوب تخلى وأسلوب اكتساب ونتاج أتزان وإمكانيات إشباعها وتحقيقها فى المجتمع . وهكذا نستطيع تتبع مراحل التطور بعد تكوين
نواة الشخصية لنرى ما يترتب على هذه النواة من خصائص .
5 – المراهقـــة :
بعد أن تستقر شخصية الطفل فى مرحلة الكمون Latency period وتهدأ مشاعره تجاه نفسه وتجاه الآخرين ، يتعرض مرة أخرى لاضطراب عنيف فى مرحلة المراهقة . ففي نهاية مرحلة الكمون تحدث تغييرات فسيولوجية سريعة فى جسم المراهق ويزداد نموه فجأة وتنشط فيه الرغبة الجنسية نشاطا قويا وبذلك تفقد الشخصية اتزانها ويضطرب شعورها بذاته وشعورها بالآخرين . فهذه التغيرات السريعة كثيرا ما تؤدى إلى ضعف الكبت الذي وقع على مشاعر عدم الثقة والشك والخجل والشعور بالذنب ، فتعاوده هذه المشاعر بقدر ما يفقد المراهق اتزانه .
فالموقف محير له، فمن جانب أصبح أكبر من أن يكون طفلا ، ومن جانب آخر أصغر من أن يكون راشدا ، وتتعاون المشاعر المكبوتة فى إنقاذ أنيته Identity وتعنى كلمة " الإنية " إحساس بالانتماء إلى المجتمع والقيام بدور فيه " فاضطرابات المراهق تفقد الشباب إدراكه لدوره ومكانه فى المجتمع ، ولكن مشاعر الحب سرعان ما تجعله يستعيد اتزانه ليأخذ دورا جديدا فى المجتمع Role taking وأن يشعر بالأنية . وينعكس شعوره بالأنية على شعوره بالآخرين حيث يرى مجتمعا مرحبا به يحتفظ له بمكانته فيه ، وبذلك يتصور الفتى الشاب أن المجتمع يراه جديرا بالانتماء إليه والمساهمة فى بنائه وحاصلا على إنية جديرة بالاحترام .
6 – مرحلة الشباب المبكر :
فالفتى فى هذه المرحلة يحتاج استقرار النشاط الفسيولوجى الضعيف الذي يباشره الفتى فى مرحلة المراهقةPuberty Period إلى بعض الوقت فإذا ما هدأ هذا التغير فى بداية العقد الثاني من العمر ، يدخل المراهق مرحلة جديدة هي مرحلة الشباب المبكر .
وفى هذه المرحلة يأخذ الشاب الصغير فى شق طريق فى الحياة اكثر استقلالا، وأقل حاجة للمساعدة وليس مما فيه شك أن الطريق يعرضه فى أحيان كثيرة لإحباطات ومشاكل لم يتعرض لها من قبل ، وهو ينعم بحماية أهله . لذلك ينتابه شعورا بالعزلة Isolation وبأن بيئته متباعدة عنه . إلا عندما يأخذ فى التقدم يستعيد شعوره بالألفة Intimacy وبأن مجتمعه رحب ودود وليس مجتمعا مجافيا .
ويستقر فيه إحساس بالألفة ليرى أن الآخرين ودودين له وبأنهم ينظرون إليه باعتباره فردا منهم يسعدون به كما يسعد بهم ،ويعتبر الشعور بالألفة امتدادا للشعور بالإنية ، كما أن الشعور بترحيب المجتمع به يستمر ليصبح إحساسا برحابة المجتمع ودوره .
7 – مرحلة الرجولة :
تعد مرحلة الرجولة من أطول مراحل العمر وأكثرها ديمومة ، فبعد أنتها مرحلة الشباب المبكر فى بداية العقد الثاني يدخل الشخص فى ممارسة طاقاته ليجنى ثمرة جهوده . ولا شك أن انتقال الفرد لهذه المرحلة مزودا بإحساس بالإنية والألفة يجعله قادرا على الأثمار والتزايد Generatively فإذا أخذنا هذه السمة حرفيا وجدنا أن دخول الشخص مرحلة الرجولة يدفعه إلى تكوين أسرة وإلى التكاثر .
أما إذا أخذنا تلك السمة مجازا فسنجد أن الرجل يدخل طورا من القدرة على مضاعفة إنتاجه والمشاركة فى الإثمار العام للمجتمع.
ويمنحه ذلك النشاط إحساسا بأنه نواة متوالدة ولادة ، ويجعله يشعر بأن النشاط مع الآخر مثمر ومجدي . وباستقرار هذا الشعور يختص شعوره بعقمه Stagnation وعدم جدواه للمجتمع ، وهو ما يجعله يشعر بأن مجتمعه يجافيه ولا يتيح له فرصة التوالد والإثمار ، وبشعوره بإثماره وبخصوبة مجتمع يتصور أن رأى مجتمعه فيه أنه إنسان أساسي وضروري .
8 – مرحلة الكهولة .
وتعد هذه المرحلة من اكثر المراحل دقة فى حياة الفرد . فقبل انتهاء الحياة وانطفاء جذوتها فى الفرد يمر الإنسان بفترة تتناقص فيها طاقاته ويقل معها إنتاجه .
إذ بعد أن باشر فى مجتمعه دورا مثمرا يجد نفسه قد أصبح أقل إثمارا . وعادة ما يصاحب هذا الإحساس شعوره باليأس من جدوى الاستمرار واشمئزاز من الذات لما يصيبها من وهن وقد عبر البعض عن ذلك بقولهم أن الحياة هي الرغبة فى الحياة ، وتعنى هذه العبارة أن مشاعر اليأس والاشمئزاز قد تنعكس على المسن فيرى أن الآخرين يستهينون به وأنهم أصعب من أن يعيش بينهم وأنهم يهزءون منه ويستضعفون أمره، مما يجعل رغبته فى الحياة تقل .
ولكن نجاح المسن فى مرحلة الرجولة ووفرة إنتاجه خلال سنواتها يمكنه من التماسك والإحساس بالاحترامIntegrity فمن خلال انتصاراته أثناء رجولته وبواسطة ما خلفه من آثار فى هذه المرحلة وعن طريق ما تمنحه هذه الانتصارات والمخلفات له من إحساس بالقيمة يمكن للإنسان أن يجد فى شيخوخته معان عدة ، لعل أهمها انه مرغوب فيه.
إن الشعور بالتماسك والاحترام يجعله يحكم على الآخرين بأنهم يحترمونه ويقدرون جهوده ويتمسكون ببقائه لما فى ذلك من عرفان بحقه وما يمكن أن يفاد من خبرته ومما يجعل هذه المرحلة من المراحل الدقيقة أن الإنسان يشعر فيها بأنه لن ينتقل إلى مرحلة تتلوها بل أن عليه الاستمرار فيها أطول فترة ممكنة وأن يظل على تمسكه باحترامه لذاته واحترام الآخرين له دون يأس